[ ص: 155 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم قال
أشهب عن مالك : يخرج عنها إذا طلقها ويتركها في المنزل ; لقوله تعالى : أسكنوهن . فلو كان معها ما قال أسكنوهن . وقال
ابن نافع : قال
مالك في قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أسكنوهن من حيث سكنتم يعني
nindex.php?page=treesubj&link=12686المطلقات اللائي بن من أزواجهن فلا رجعة لهم عليهن وليست حاملا ، فلها السكنى ولا نفقة لها ولا كسوة ، لأنها بائن منه ، لا يتوارثان ولا رجعة له عليها . وإن كانت حاملا فلها النفقة والكسوة والمسكن حتى تنقضي عدتها . أما من لم تبن منهن فإنهن نساؤهم يتوارثون ، ولا يخرجن إلا أن يأذن لهن أزواجهن ما كن في عدتهن ، ولم يؤمروا بالسكنى لهن لأن ذلك لازم لأزواجهن مع نفقتهن وكسوتهن ، حوامل كن أو غير حوامل . وإنما أمر الله بالسكنى للائي بن من أزواجهن مع نفقتهن ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فجعل عز وجل للحوامل اللائي قد بن من أزواجهن السكنى والنفقة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وبسط ذلك وتحقيقه أن الله سبحانه لما ذكر السكنى أطلقها لكل مطلقة ، فلما ذكر النفقة قيدها بالحمل ، فدل على أن المطلقة البائن لا نفقة لها . وهي مسألة عظيمة قد مهدنا سبلها قرآنا وسنة ومعنى في مسائل الخلاف . وهذا مأخذها من القرآن . قلت :
nindex.php?page=treesubj&link=12686اختلف العلماء في المطلقة ثلاثا على ثلاثة أقوال
فمذهب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : أن لها السكنى ولا نفقة لها .
ومذهب
أبي حنيفة وأصحابه : أن لها السكنى والنفقة .
ومذهب
أحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور : أن لا نفقة لها ولا سكنى ، على حديث
فاطمة بنت قيس ، قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865257دخلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي أخو زوجي ، فقلت : إن زوجي طلقني وإن هذا يزعم أن ليس لي سكنى ولا نفقة ؟ قال : " بل لك السكنى ولك النفقة " . قال : إن زوجها طلقها ثلاثا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما السكنى والنفقة على من له عليها الرجعة " . فلما قدمت الكوفة طلبني الأسود بن يزيد ليسألني عن ذلك ، وإن أصحاب عبد الله يقولون : إن لها السكنى والنفقة .
[ ص: 156 ] خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني . ولفظ
مسلم عنها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831441أنه طلقها زوجها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أنفق عليها نفقة دون ، فلما رأت ذلك قالت : والله لأعلمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كان لي نفقة أخذت الذي يصلحني ، وإن لم تكن لي نفقة لم آخذ شيئا . قالت : فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " لا نفقة لك ولا سكنى " . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
الأسود قال : قال
عمر لما بلغه قول
فاطمة بنت قيس : لا نجيز في المسلمين قول امرأة . وكان يجعل للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة . وعن
الشعبي قال : لقيني
الأسود بن يزيد فقال . يا
شعبي ، اتق الله وارجع عن حديث
فاطمة بنت قيس ; فإن
عمر كان يجعل لها السكنى والنفقة . قلت : لا أرجع عن شيء حدثتني به
فاطمة بنت قيس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت : ما أحسن هذا . وقد قال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى : لا سكنى إلا للرجعية ; لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ، وقوله تعالى : " أسكنوهن " راجع إلى ما قبله ، وهي المطلقة الرجعية . والله أعلم . ولأن السكنى تابعة للنفقة وجارية مجراها ; فلما لم تجب للمبتوتة نفقة لم يجب لها سكنى . وحجة
أبي حنيفة أن للمبتوتة النفقة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وترك النفقة من أكبر الأضرار . وفي إنكار
عمر على
فاطمة قولها ما يبين هذا ، ولأنها معتدة تستحق السكنى عن طلاق فكانت لها النفقة كالرجعية ، ولأنها محبوسة عليه لحقه فاستحقت النفقة كالزوجة . ودليل
مالك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6وإن كن أولات حمل الآية . على ما تقدم بيانه . وقد قيل : إن الله تعالى ذكر المطلقة الرجعية وأحكامها أول الآية إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2ذوي عدل منكم ثم ذكر بعد ذلك حكما يعم المطلقات كلهن من تعديد الأشهر وغير ذلك . وهو عام في كل مطلقة ; فرجع ما بعد ذلك من الأحكام إلى كل مطلقة .
الثانية : قوله تعالى : " من وجدكم " أي من سعتكم ; يقال : وجدت في المال أجد وجدا ووجدا ووجدا وجدة . والوجد : الغنى والمقدرة . وقراءة العامة بضم الواو . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري بفتحها ،
ويعقوب بكسرها . وكلها لغات فيها .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن قال
مجاهد : في المسكن .
مقاتل : في النفقة ; وهو قول
أبي حنيفة . وعن
أبي الضحى : هو أن يطلقها فإذا بقي يومان من عدتها راجعها ثم طلقها .
[ ص: 157 ] الرابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن لا خلاف بين العلماء في وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=12685_13039النفقة والسكنى للحامل المطلقة ثلاثا أو أقل منهن حتى تضع حملها . فأما
nindex.php?page=treesubj&link=13037_12699الحامل المتوفى عنها زوجها فقال
علي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وشريح والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وحماد nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى وسفيان والضحاك : ينفق عليها من جميع المال حتى تضع . وقال
ابن عباس وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابهم : لا ينفق عليها إلا من نصيبها . وقد مضى في " البقرة " بيانه .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فإن أرضعن لكم الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فإن أرضعن لكم - يعني المطلقات - أولادكم منهن فعلى الآباء أن يعطوهن أجرة إرضاعهن . وللرجل أن
nindex.php?page=treesubj&link=12869يستأجر امرأته للرضاع كما يستأجر أجنبية ولا يجوز عند أبي حنيفة وأصحابه الاستئجار إذا كان الولد منهن ما لم يبن . ويجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وتقدم القول في الرضاع في " البقرة " و " النساء " مستوفى ولله الحمد .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=29036قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6وأتمروا بينكم بمعروف هو خطاب للأزواج والزوجات ; أي وليقبل بعضكم من بعض ما أمره به من المعروف الجميل . والجميل منها إرضاع الولد من غير أجرة . والجميل منه توفير الأجرة عليها للإرضاع . وقيل : ائتمروا في رضاع الولد فيما بينكم بمعروف حتى لا يلحق الولد إضرار . وقيل : هو الكسوة والدثار . وقيل : معناه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=29036قوله تعالى : وإن تعاسرتم أي في أجرة الرضاع فأبى الزوج أن يعطي الأم رضاعها وأبت الأم أن ترضعه فليس له إكراهها ; وليستأجر مرضعة غير أمه . وقيل : معناه وإن تضايقتم وتشاكستم فليسترضع لولده غيرها ; وهو خبر في معنى الأمر . وقال
الضحاك : إن أبت الأم أن ترضع استأجر لولده أخرى ، فإن لم يقبل أجبرت أمه على الرضاع بالأجر . وقد اختلف العلماء
nindex.php?page=treesubj&link=12853فيمن يجب عليه رضاع الولد على ثلاثة أقوال : قال علماؤنا :
nindex.php?page=treesubj&link=12869رضاع الولد على الزوجة ما دامت الزوجية ; إلا لشرفها وموضعها فعلى الأب رضاعه يومئذ في ماله . الثاني : قال
أبو حنيفة : لا يجب على الأم بحال . الثالث : يجب عليها في كل حال . الرابعة : فإن طلقها فلا يلزمها رضاعه إلا أن يكون غير قابل ثدي غيرها فيلزمها حينئذ الإرضاع . فإن اختلفا في الأجر فإن دعت إلى أجر مثلها وامتنع الأب إلا تبرعا فالأم أولى بأجر المثل إذا لم يجد الأب متبرعا . وإن دعا الأب إلى أجر المثل وامتنعت الأم لتطلب شططا فالأب أولى به . فإن
nindex.php?page=treesubj&link=12854_12869أعسر الأب بأجرتها أخذت جبرا برضاع ولدها .