الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الضرب بالجريد والنعال

                                                                                                                                                                                                        6393 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا وهيب بن خالد عن أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بنعيمان أو بابن نعيمان وهو سكران فشق عليه وأمر من في البيت أن يضربوه فضربوه بالجريد والنعال وكنت فيمن ضربه [ ص: 67 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 67 ] قوله : ( باب الضرب بالجريد والنعال ) أي في شرب الخمر ، وأشار بذلك إلى أنه لا يشترط الجلد .

                                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال وهي أوجه عند الشافعية : أصحها يجوز الجلد بالسوط ويجوز الاقتصار على الضرب بالأيدي والنعال والثياب ، ثانيها يتعين الجلد ، ثالثها يتعين الضرب .

                                                                                                                                                                                                        وحجة الراجح أنه فعل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يثبت نسخه والجلد في عهد الصحابة ، فدل على جوازه ، وحجة الآخر أن الشافعي قال في " الأم " : لو أقام عليه الحد بالسوط فمات وجبت الدية فسوى بينه وبين ما إذا زاد ، فدل على أن الأصل الضرب بغير السوط ، وصرح أبو الطيب ومن تبعه بأنه لا يجوز بالسوط ، وصرح القاضي حسين بتعيين السوط واحتج بأنه إجماع الصحابة ونقل عن النص في القضاء ما يوافقه ، ولكن في الاستدلال بإجماع الصحابة نظر ؛ فقد قال النووي في " شرح مسلم " : أجمعوا على الاكتفاء بالجريد والنعال وأطراف الثياب ، ثم قال : والأصح جوازه بالسوط ، وشذ من قال هو شرط وهو غلط منابذ للأحاديث الصحيحة .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وتوسط بعض المتأخرين فعين السوط للمتمردين وأطراف الثياب والنعال للضعفاء ومن عداهم بحسب ما يليق بهم وهو متجه ، ونقل ابن دقيق العيد عن بعضهم أن معنى قوله : " نحوا من أربعين " تقدير أربعين ضربة بعصا مثلا لا أن المراد عدد معين ، ولذلك وقع في بعض طرق عبد الرحمن بن أزهر أن أبا بكر سأل من حضر ذلك الضرب فقومه أربعين فضرب أبو بكر أربعين ، قال : وهذا عندي خلاف الظاهر ، ويبعده قوله في الرواية [ ص: 68 ] الأخرى جلد في الخمر أربعين .

                                                                                                                                                                                                        قلت : ويبعد التأويل المذكور ما تقدم من رواية همام في حديث أنس : " فأمر عشرين رجلا فجلده كل رجل جلدتين بالجريد والنعال " ، وذكر المصنف فيه خمسة أحاديث .

                                                                                                                                                                                                        الأول : حديث عقبة بن الحارث قد تقدم في الباب الذي قبله وهو ظاهر فيما ترجم له .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية