( فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ( 109 ) ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب ( 110 ) وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير ( 111 ) .
( فلا تك في مرية ) في شك ( مما يعبد هؤلاء ) أنهم ضلال ( ما يعبدون إلا كما يعبد ) فيه إضمار ، أي : كما كان يعبد ( آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم ) حظهم من الجزاء . ( غير منقوص ) .
( ولقد آتينا موسى الكتاب ) التوراة ( فاختلف فيه ) فمن مصدق به ومكذب ، كما فعل قومك بالقرآن ، يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ( ولولا كلمة سبقت من ربك ) في تأخير العذاب عنهم ( لقضي بينهم ) أي : لعذبوا في الحال وفرغ من عذابهم وإهلاكهم ( وإنهم لفي شك منه مريب ) موقع في الريبة والتهمة .
( وإن كلا ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو بكر : " وإن كلا " ساكنة النون على تخفيف إن الثقيلة ، والباقون بتشديدها ( لما ) شددها هنا وفي يس والطارق : ابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، [ وافق أبو جعفر ها هنا ، وفي الطارق وفي الزخرف ، بالتشديد عاصم وحمزة ] والباقون بالتخفيف ، فمن شدد قال الأصل فيه : ( وإن كلا ) [ لمن ما ، فوصلت من الجارة بما ، فانقلبت النون ميما للإدغام ، فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت إحداهن ، فبقيت لما بالتشديد ، و " ما " ها هنا بمعنى : من ، هو اسم لجماعة من الناس ، كما قال تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم ) ( النساء - 3 ) ، أي : من طاب لكم ، والمعنى : وإن كلا لمن جماعة ليوفينهم ] .
ومن قرأ بالتخفيف قال : " ما " صلة [ زيدت بين اللامين ليفصل بينهما كراهة اجتماعهما ، والمعنى ] وإن كلا ليوفينهم . [ ص: 203 ]
وقيل " ما " بمعنى من ، تقديره : لمن ليوفينهم ، واللام في " لما " لام التأكيد [ التي تدخل على خبر إن ] ، وفي ليوفينهم لام القسم ، [ والقسم مضمر ] تقديره : والله ( ليوفينهم ربك أعمالهم ) أي : جزاء أعمالهم ( إنه بما يعملون خبير ) .