( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ( 2 ) الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ( 3 ) أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ( 4 ) )
( إنما المؤمنون ) يقول ليس المؤمن الذي يخالف الله ورسوله ، إنما المؤمنون الصادقون في إيمانهم ، ( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) خافت وفرقت قلوبهم ، وقيل : إذا خوفوا بالله انقادوا خوفا من عقابه . ( وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ) تصديقا ويقينا . وقال عمير بن حبيب وكانت له صحبة : إن للإيمان زيادة ونقصانا ، قيل : فما زيادته ؟ قال : إذا ذكرنا الله - عز وجل - وحمدناه فذلك زيادته ، وإذا سهونا وغفلنا فذلك نقصانه ، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي : إن ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان . ( للإيمان فرائض وشرائط وشرائع وحدودا وسننا فمن استكملها استكمل الإيمان وعلى ربهم يتوكلون ) أي : يفوضون إليه أمورهم ويثقون به ولا يرجون غيره ولا يخافون سواه .
( أولئك هم المؤمنون حقا ) يعني يقينا . قال ابن عباس : برئوا من الكفر . قال مقاتل : حقا لا شك في إيمانهم . وفيه دليل على أنه لأن الله تعالى إنما وصف بذلك قوما مخصوصين على أوصاف مخصوصة ، وكل أحد لا يتحقق وجود تلك الأوصاف فيه . ليس لكل أحد أن يصف نفسه بكونه مؤمنا حقا
وقال ابن أبي نجيح : سأل رجل الحسن فقال : أمؤمن أنت ؟ فقال : إن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار والبعث والحساب فأنا بها مؤمن ، وإن كنت تسألني عن قوله : " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم " الآية ، فلا أدري أمنهم أنا أم لا ؟
وقال علقمة : كنا في سفر فلقينا قوما فقلنا : من القوم ؟ قالوا : نحن المؤمنون حقا ، فلم ندر ما نجيبهم حتى لقينا فأخبرناه بما قالوا ، قال : فما رددتم عليهم ؟ قلنا : لم نرد عليهم [ ص: 327 ] شيئا ، قال أفلا قلتم أمن أهل الجنة أنتم ؟ إن المؤمنين أهل الجنة . عبد الله بن مسعود
وقال : من زعم أنه مؤمن حقا أو عند الله ، ثم لم يشهد أنه في الجنة فقد آمن بنصف الآية دون النصف . سفيان الثوري
( لهم درجات عند ربهم ) قال عطاء : يعني درجات الجنة يرتقونها بأعمالهم . وقال الربيع بن أنس : سبعون درجة ما بين كل درجتين حضر الفرس المضمر سبعين سنة . ( ومغفرة ) لذنوبهم ( ورزق كريم ) حسن يعني ما أعد لهم في الجنة .