( ياقوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ( 29 ) وقال الذي آمن ياقوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ( 30 ) مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد ( 31 ) ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد ( 32 ) )
ياقوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض ) غالبين في أرض ( مصر ، ( فمن ينصرنا من بأس الله ) من يمنعنا من عذاب الله ، ( إن جاءنا ) والمعنى لكم الملك اليوم فلا تتعرضوا لعذاب الله بالتكذيب ، وقتل النبي فإنه لا مانع من عذاب الله إن حل بكم ، ( قال فرعون ما أريكم ) من الرأي والنصيحة ، ( إلا ما أرى ) لنفسي . وقال الضحاك : ما أعلمكم إلا ما أعلم ، ( وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) ما أدعوكم إلا إلى طريق الهدى .
( وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ) أي : مثل عادتهم في الإقامة على التكذيب حتى أتاهم العذاب ، ( وما الله يريد ظلما للعباد ) أي : لا يهلكهم قبل اتخاذ الحجة عليهم .
( ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد ) يوم القيامة يدعى كل أناس بإمامهم وينادي بعضهم بعضا ، فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار ، وأصحاب النار أصحاب الجنة ، وينادى أصحاب الأعراف ، وينادى بالسعادة والشقاوة ، ألا إن فلان بن فلان قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا ، وفلان بن فلان قد شقي شقاوة لا يسعد بعدها أبدا ، وينادى حين يذبح الموت : يا خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت . [ ص: 148 ] أهل الجنة
وقرأ ابن عباس والضحاك : " يوم التناد " بتشديد الدال أي : يوم التنافر ، وذلك أنهم هربوا فندوا في الأرض كما تند الإبل إذا شردت عن أربابها .
قال الضحاك : وكذلك إذا سمعوا زفير النار ندوا هربا فلا يأتون قطرا من الأقطار إلا وجدوا الملائكة صفوفا ، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه ، فذلك قوله تعالى : " والملك على أرجائها " ( الحاقة - 17 ) وقوله : يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا . ( الرحمن - 33 )