ودخل عليه بعض الصحابة، فقال له قائل منهم: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك علينا وقد ترى غلظة؟ فقال عمر أبالله تخوفني؟ ! أقول: اللهم، إني استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت من ورائك. أبو بكر:
ثم دعا فقال: اكتب: عثمان،
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما في آخر عهده بالدنيا خارجا منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلا فيها، أبو بكر بن أبي قحافة حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق [ ص: 170 ] الكاذب: إني استخلفت عليكم بعدي عهد فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرا، فإن عدل.. فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب، والخير أردت، ولا أعلم الغيب: عمر بن الخطاب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام عليكم ورحمة الله.
ثم أمر بالكتاب فختمه، ثم أمر فخرج بالكتاب مختوما، فبايع الناس ورضوا به، ثم دعا عثمان أبو بكر خاليا، فأوصاه بما أوصاه به، ثم خرج من عنده، فرفع عمر يديه فقال: اللهم إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة، فعملت فيهم بما أنت أعلم به، واجتهدت لهم رأيي، فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم، وأحرصهم على ما أرشدهم، وقد حضرني من أمرك ما حضر، فاخلفني فيهم، فهم عبادك، ونواصيهم بيدك، أصلح لهم ولاتهم، واجعله من خلفائك الراشدين، وأصلح له رعيته). أبو بكر
وأخرج ابن سعد عن والحاكم قال: (أفرس الناس ثلاثة: ابن مسعود، حين استخلف أبو بكر وصاحبة عمر، موسى حين قالت: استأجره، والعزيز حين تفرس في يوسف فقال لامرأته: أكرمي مثواه).
وأخرج عن ابن عساكر سيار أبي حمزة، قال: (لما ثقل أشرف على الناس من كوة فقال: أيها الناس، إني قد عهدت عهدا، أفترضون به؟ فقال الناس: رضينا يا خليفة رسول الله، فقام علي فقال: لا نرضى إلا أن يكون أبو بكر.. قال: فإنه عمر، عمر).
وأخرج عن أحمد - رضي الله عنها - قالت: (إن عائشة لما حضرته الوفاة.. قال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم الاثنين قال: فإن مت من ليلتي.. فلا تنتظروا بي الغد، فإن أحب الأيام والليالي إلى أقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم). أبا بكر
[ ص: 171 ] وأخرج مالك عن رضي الله عنها: (أن عائشة نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة.. قال: يا بنية، والله ما من الناس أحد أحب إلي غنى منك، ولا أعز علي فقرا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه.. كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هماأخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله، فقلت: يا أبت، والله لو كان كذا وكذا... لتركته، إنما هي أبا بكر أسماء، فمن الأخرى؟ قال: ذو بطن ابنة خارجة، أراها جارية).
وأخرجه ابن سعد، وقال في آخره: (قال: ذات بطن ابنة خارجة، قد ألقي في روعي أنها جارية، فاستوصي بها خيرا، فولدت أم كلثوم).
وأخرج ابن سعد عن [ خالد بن أبي عزة ]: أن أوصى بخمس ماله، وقال: (آخذ من مالي ما أخذ الله من فيء المسلمين). أبا بكر
وأخرج من وجه آخر عنه قال: (لأن أوصي بالخمس.. أحب إلي من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع.. أحب إلي من أن أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث.. لم يترك شيئا).
وأخرج في «سننه» عن سعيد بن منصور الضحاك: (أن أبا بكر أوصيا بالخمس من أموالهما لمن لا يرث من ذوي قرابتهما). وعليا
وأخرج في «زوائد الزهد» عن عبد الله بن أحمد - رضي الله عنها - قالت: (والله، ما ترك عائشة دينارا ولا درهما ضرب الله سكته). أبو بكر
[ ص: 172 ] وأخرج ابن سعد وغيره عن - رضي الله عنها - قالت:) لما ثقل عائشة تمثلت بهذا البيت: أبو بكر..
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فكشف عن وجهه، وقال: ليس كذلك، ولكن قولي: وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد [ق: 19] انظروا ثوبي هذين فاغسلوهما، وكفنوني فيهما، فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت).وأخرج أبو يعلى عن - رضي الله عنها - قالت: (دخلت على عائشة وهو في الموت فقلت: أبي بكر
من لا يزال دمعه مقنعا فإنه في مرة مدفوق
وأخرج في «زوائد الزهد»، عن عبد الله بن أحمد بكر بن عبد الله المزني قال: لما حضر قعدت أبو بكر.. - رضي الله عنها – عند رأسه، فقالت: عائشة
وكل ذي إبل يوما سيوردها وكل ذي سلب لا بد مسلوب
[ ص: 173 ] وأخرج عن أحمد، رضي الله عنها: أنها تمثلت بهذا البيت عائشة يقضي: وأبو بكر
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وأخرج في «زوائد الزهد» عن عبد الله بن أحمد عبادة بن قيس قال: لما حضرت الوفاة قال أبا بكر :) اغسلي ثوبي هذين وكفنيني بهما، فإنما أبوك أحد رجلين: إما مكسو أحسن الكسوة، أو مسلوب أسوأ السلب (. لعائشة
وأخرج عن ابن أبي الدنيا :) أن ابن أبي مليكة أوصى أن تغسله امرأته أبا بكر أسماء بنت عميس، ويعينها عبد الرحمن بن أبي بكر (.
وأخرج ابن سعد عن : ( أن سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - صلى على عمر بين القبر والمنبر، وكبر عليه أربعا). أبي بكر
وأخرج عن عروة، والقاسم بن محمد : ( أن أوصى أبا بكر أن يدفن إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما توفي.. حفر له وجعل رأسه عند كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وألصق اللحد بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم). عائشة
وأخرج عن قال: (نزل في حفرة ابن عمر أبي بكر: عمر وطلحة، وعثمان، ). وعبد الرحمن بن أبي بكر
وأخرج من طرق عدة: (أنه دفن ليلا).
وأخرج عن (أن ابن المسيب: لما مات.. ارتجت أبا بكر مكة، فقال [ ص: 174 ] أبو قحافة: ما هذا؟ قالوا: مات ابنك، قال: رزء جليل، من قام بالأمر بعده؟ قالوا: قال: صاحبه). عمر،
وأخرج عن (أن مجاهد: أبا قحافة رد ميراثه من على ولد أبي بكر ولم يعش أبي بكر، أبو قحافة بعد إلا ستة أشهر وأياما، ومات في المحرم، سنة أربع عشرة، وهو ابن سبع وتسعين سنة). أبي بكر
قال العلماء: ولم يرث خليفة أبوه إلا أبو بكر، أبا بكر. لم يل الخلافة أحد في حياة أبيه إلا
وأخرج عن الحاكم قال: ابن عمر سنتين وسبعة أشهر). أبو بكر (ولي
وفي «تاريخ » بسنده عن ابن عساكر قال: قال الأصمعي خفاف بن نندبة السلمي يبكي رضي الله تعالى عنه: أبا بكر
ليس لحي فاعلمنه بقاء وكل دنيا أمرها للفناء
والملك في الأقوام مستودع عارية والشرط فيه الأداء
والمرء يسعى وله راصد تندبه العين ونار الصداء
يهرم أو يقتل أو قهره يشكوه سقم ليس فيه شفاء
إن هو الغيث إذ لم تزرع الجوزاء بقلا بماء أبا بكر
تالله لا يدرك أيامه ذو مئزر ناش، ولا ذو رداء
من يسع كي يدرك أيامه مجتهد الشد بأرض فضاء