قال المسعودي : (كان نزل على عين البذندون ، فأعجبه بردها وصفاؤها ، وطيب الموضع ، وكثرة الخضرة ، فرأى فيها سمكة كأنها الفضة فأعجبته ، فلم يقدر أحد يسبح في العين لشدة بردها ، فجعل لمن يخرجها سيفا ، فنزل فراش فاصطادها وطلع ، فاضطربت وفرت إلى الماء ، فتنضح صدر ونحره وابتل ثوبه ، ثم نزل الفراش ثانية فأخذها ، فقال المأمون : تقلى الساعة ، ثم أخذته رعدة ، فغطي باللحف - وهو يرتعد ويصيح ، فأوقدت حوله نار ، ثم أتي بالسمكة فما ذاقها لشغله بحاله ، ثم أفاق المأمون من غمرته ، فسأل عن تفسير المكان بالعربي ؟ فقيل : مد رجليك ، فتطير به . المأمون
ثم سأل عن اسم البقعة ، فقيل : الرقة ، وكان فيما عمل من مولده أنه يموت بالرقة ، فكان يتجنب نزول الرقة ; فلما سمع هذا من الروم . . . عرف وأيس ، وقال : يا من لا يزول ملكه; ارحم من قد زال ملكه .
ولما وردت وفاته بغداد . . . قال أبو سعيد المخزومي :
هل رأيت النجوم أغنت عن المأ مون أو عن ملكه المأسوس خلفوه بعرصتي طرطوس
مثل ما خلفوا أباه بطوس