فصل
[في مبايعته رضي الله عنه
قال ابن سعد: بويع بالخلافة الغد من قتل علي عثمان بالمدينة، فبايعه جميع من كان بها من الصحابة - رضي الله عنهم - ويقال: إن طلحة بايعا كارهين [ ص: 294 ] غير طائعين، ثم خرجا إلى والزبير مكة - رضي الله عنها - بها، فأخذاها وخرجا إلى وعائشة البصرة يطلبون بدم عثمان.
وبلغ ذلك فخرج إلى عليا، العراق، فلقي بالبصرة طلحة والزبير ومن معهم، وهي وعائشة وكانت في جمادى الآخرة، سنة ست وثلاثين، وقتل بها وقعة الجمل، طلحة وغيرهما، وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألفا، وأقام والزبير علي بالبصرة خمس عشرة ليلة، ثم انصرف إلى الكوفة.
ثم خرج عليه ومن معه معاوية بن أبي سفيان بالشام، فبلغ فسار إليه، فالتقوا عليا بصفين، في صفر، سنة سبع وثلاثين، ودام القتال بها أياما، فرفع أهل الشام المصاحف، يدعون إلى ما فيها مكيدة من فكره الناس الحرب، وتداعوا إلى الصلح، وحكموا الحكمين، فحكم عمرو بن العاصي، علي: وحكم أبا موسى الأشعري، معاوية: وكتبوا بينهم كتابا على أن يوافوا رأس الحول عمرو بن العاص، بأذرح، فينظروا في أمر الأمة.
فافترق الناس، ورجع إلى معاوية الشام، إلى وعلي الكوفة، فخرجت عليه الخوارج من أصحابه ومن كان معه وقالوا: لا حكم إلا لله، وعسكروا بحروراء، فبعث إليهم فخاصمهم وحجهم، فرجع منهم قوم كثير، وثبت قوم، وساروا إلى ابن عباس، النهروان فعرضوا للسبيل، فسار إليهم فقتلهم علي، بالنهروان، وقتل منهم ذا الثدية، وذلك سنة ثمان وثلاثين.
واجتمع الناس بأذرح في شعبان من هذه السنة، وحضرها سعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة، فقدم وابن عمر عمرو مكيدة منه، فتكلم فخلع أبا موسى الأشعري وتكلم عليا، عمرو فأقر وبايع له، فتفرق الناس على هذا. معاوية
وصار في خلاف مع أصحابه حتى صار يعض على أصبعه، ويقول: (أعصى ويطاع علي معاوية؟!)