وفيها معاوية الكوفة عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان بن ربيعة الثقفي . ولى
وهو ابن أم الحكم أخت ، وعزل عنها معاوية بن أبي سفيان . الضحاك بن قيس
وفي عمله في هذه السنة خرجت الطائفة التي حبسها في السجن من المغيرة بن شعبة الخوارج الذين كانوا بايعوا المستورد ، فظفر بهم فاستودعهم السجن ، فلما مات المغيرة خرجوا من السجن ، فجمع حيان بن ظبيان أصحابه ثم حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن الله عز وجل كتب علينا الجهاد ، فمنا من قضى نحبه ومنا من ينتظر ، وأولئك هم الأبرار الفائزون بفعلهم ، فمن كان منكم يريد الله وثوابه فليسلك سبيل أصحابه .
[ ص: 291 ] وقال معاذ بن جوين [الطائي ] : يا أهل الإسلام ، إنا والله لو علمنا أنا إذا تركنا جهاد الظلمة وإنكار الجور ، كان لنا به عند الله عذر ، لكان تركه أيسر علينا وأخف من ركوبه ، ولكنا قد علمنا واستيقنا أنه لا عذر لنا .
ثم قال : ابسط يدك نبايعك ، فبايعه وبايعه القوم ، فضربوا على يد حيان فبايعوه وذلك في إمارة عبد الرحمن بن عبد الله ، ثم أن القوم اجتمعوا في منزل معاذ بن جوين ، فقال لهم حيان : عباد الله ، أشيروا برأيكم ، أين تأمروني أن أخرج ؟ فقال له معاذ : إني أرى أن تسير بنا إلى حلوان فإنها كورة بين السهل والجبل ، وبين المصر والثغر ، فمن كان يرى رأينا من أهل المصر والثغر والجبال والسواد لحق بنا . فقال له حيان :
عدوك معاجلك قبل اجتماع الناس إليك ، فلا يتركوكم حتى يجتمع الناس إليكم ، ولكن رأيت أن أخرج معكم في جانب الكوفة ثم نقاتلهم حتى نلحق بربنا ، فإني [والله ] قد علمت أنكم لا تقدرون وأنتم دون المائة رجل أن تهزموا عدوكم ، ولا أن تشتد نكايتكم فيهم ، ولكن متى علم الله أنكم قد أجهدتم أنفسكم في جهاد عدوه وعدوكم كان لكم به العذر ، وخرجتم من الإثم .
قالوا : رأينا رأيك ، فقال لهم عديس بن عرقوب : اخرجوا بجانب من مصرهم هذا فقاتلوا ، فقالوا : لن يخالفك ، فمكثوا حتى إذا كان آخر سنة من سني ابن أم الحكم في أول يوم من ربيع الآخر اجتمعوا إلى حيان ، فقال : يا قوم ، والله الذي لا إله غيره ما سررت قط في الدنيا بعد ما أسلمت سروري بخروجي هذا على الظلمة ، إني قد رأيت أن نخرج حتى ننزل جانب دار جرير ، فإذا خرج إليكم الأحزاب ناجزتموهم ، فقال عديس بن عرقوب :
إذا قاتلتهم في جوف المصر قاتلنا الرجال وصعد النساء والصبيان والإماء ، فرمونا بالحجارة ، فقال رجل منهم : انزلوا بنا من وراء الجسر ، فقال معاذ : لا بل سيروا بنا [ ص: 292 ] فلننزل بانقيا فما أسرع ما يأتيكم عدوكم ، فإذا كان ذلك استقبلنا القوم وجعلنا البيوت في ظهورنا ، فقاتلناهم من وجه واحد ، فخرجوا فبعث إليهم جيش فقتلوا جميعا .