261 - صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، أبو سفيان:
لم يزل على الشرك يقود الجموع لقتال النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أسلم يوم فتح مكة ، وكان الإيمان في قلبه متزلزلا ، فعد في المؤلفة [قلوبهم] ، ثم استقر إيمانه وقوي يقينه ، وكان قد كف عن القتال بعد الخندق ، وبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية من تمر عجوة ، وكتب إليه يستهديه أدما ، فقبل هديته وأهدى إليه .
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار ، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي [الجوهري] ، قال: أخبرنا ، قال: أخبرنا ابن حيوية أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عمر ، قال: حدثني عبد الله بن جعفر ، قال: سمعت يعقوب بن عتبة يخبر عن عكرمة ، عن ، قال: ابن عباس مر الظهران قال واصباح العباس بن عبد المطلب: قريش إن دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة . قال العباس: فأخذت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء وقلت: [ ص: 28 ] ألتمس حطابا أو إنسانا أبعثه إلى قريش .
فو الله إني لفي الأراك إذا أنا بأبي سفيان بن حرب ، فقلت: يا أبا حنظلة ، قال: لبيك أبا الفضل ، وعرف صوتي ، فقال: ما لك فداك أبي وأمي ، قلت: ويلك هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرة آلاف ، فقال: بأبي وأمي ما تأمرني ، هل من حيلة؟ قلت: نعم ، تركب عجز هذه البغلة فأذهب بك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه إن ظفر بك دونه قتلت ، قال: وأنا والله أرى ذلك . ثم ركب خلفي وتوجهت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرآه فعرفه وأراد قتله وقال: يا رسول الله ، هذا عمر بن الخطاب أبو سفيان آخذ بلا عهد ولا عقد ، قال: فقلت: إني قد أجرته ، وجرى بين العباس في ذلك الكلام . وعمر
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله" قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك ، قد كان يقع في نفسي أنه لو كان مع الله إله لقد أغنى عني شيئا ، قال: "يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ " قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك ، أما هذا فو الله إن في نفسي منها أشياء بعد ، فقال العباس: ويحك اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تقتل . قال: فشهد شهادة الحق وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فقال العباس: يا نبي الله إنك قد عرفت أبا سفيان وحبه للشرف والفخر فاجعل له شيئا ، قال: "نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق داره فهو آمن" . لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال محمد بن سعد: وأخبرنا ، قال: حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي جعفر بن سليمان ، قال: حدثنا ، قال: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثابت البناني أبي سفيان فهو آمن" ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوذي وهو "من دخل دار بمكة فدخل دار أبي سفيان أمن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" .
قال ابن سعد: وأخبرنا محمد بن عبيد ، قال: أخبرنا إسماعيل بن [أبي] خالد ، عن أبي إسحاق السبيعي: إن بعد فتح أبا سفيان بن حرب مكة كان جالسا ، فقال في نفسه: لو جمعت [ ص: 29 ] لمحمد جمعا . قال: إنه ليحدث نفسه بذلك إذ ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بين كتفيه وقال: "إذن أخزاك الله" قال: فرفع رأسه فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قائم على رأسه ، فقال: ما أيقنت أنك نبي حتى الساعة إن كنت لأحدث نفسي بذلك .
قال ابن سعد: قال محمد بن عمر: وشهد أبو سفيان الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورمي يومئذ فذهبت إحدى عينيه . وشهد يوم حنين وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية ، وأعطى ابنيه يزيد ، فقال له ومعاوية أبو سفيان: والله إنك لكريم ، فداك أبي وأمي لقد حاربتك فنعم المحارب كنت ، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت ، فجزاك الله خيرا . قال ثم عمي أنس بن مالك: أبو سفيان بعد ذلك .
قال ابن سعد: قال محمد بن عمر: حدثني ، عن عبد الحميد بن جعفر أبيه ، عن ، عن ابن المسيب مبشر بن الحويرث ، قال: حضرت يوم اليرموك المعركة فلا أسمع للناس كلمة ولا صوتا إلا نقف الحديد بعضه بعضا ، إلا أني قد سمعت صائحا يقول: يا معشر المسلمين ، يوم من أيام الله أبلوا لله فيه بلاء حسنا ، وإذا هو تحت راية ابنه أبو سفيان بن حرب يزيد .
قال محمد بن عمر: نزل أبو سفيان المدينة في آخر عمره ، ومات بها سنة اثنتين وثلاثين في آخر خلافة عثمان ، وهو يوم مات ابن ثمان وثمانين سنة .