ثم دخلت سنة خمس وعشرين
فمن الحوادث فيها:
كان قد أوصى أن يقر عماله سنة ، فلما ولي عمر عثمان أقرهم ، وأقر التغيير على جماعة من الولاة ، فإن على المغيرة بن شعبة الكوفة سنة ، ثم عزله ، واستعمل فعمل عليها سعد بن أبي وقاص ، سعد سنة وبعض أخرى ، وأقر أبا موسى سنوات ، وضم حمص ، وقنسرين إلى وتوفي معاوية . عبد الرحمن بن علقمة الكناني -وكان على فلسطين- فضم عثمان عمله إلى ومرض معاوية . عمير بن سعد فاستعفى ، فضم عمله إلى فاجتمع معاوية ، الشام لسنتين من إمارة لمعاوية عثمان ، ثم بعث عثمان على خراسان عمير بن عثمان بن سعد ، فصالح من لم يجب الأحنف ، وأمر الناس بعبور النهر ، فصالحه من وراء النهر ، فجرى ذلك واستقر .
فمن الحوادث في هذه السنة: أن أهل الإسكندرية نقضوا عهدهم فغزاهم فقتلهم . عمرو بن العاص
وفيها: عبد الله بن سعد بن أبي سرح يستأذن عثمان في الغزو إلى إفريقية ، فأذن له . كتب
[أنبأنا الحسن بن محمد بن عبد الوهاب البارع قال: أخبرنا [ ص: 344 ] قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص أحمد بن سليمان بن داود الطوسي قال: حدثنا قال: حدثني عمي الزبير بن بكار ، مصعب] بن عبد الله قال: غزا عبد الله بن الزبير أفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي السرح ، فحدثني الزبير بن حبيب قال: قال : هجم علينا عبد الله بن الزبير جرجير في عسكرنا في مائة وعشرين ألفا ، فاختلطوا بنا في كل مكان ، وسقط في أيدي المسلمين ، ونحن في عشرين ألفا من المسلمين واختلف الناس على ابن أبي السرح ، فدخل فسطاطا له فخلا فيه ، ورأيت غرة من جرجير ، بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب ، معه جاريتان تظلان عليه بريش الطواويس ، بينه وبين جنده أرض بيضاء ليس فيها أحد ، فخرجت أطلب ابن أبي سرح ، فقيل: قد خلا في فسطاطه ، فأتيت حاجبه ، فأبى أن يأذن لي عليه ، فدرت من كسر الفسطاط فدخلت عليه فوجدته مستلقيا على ظهره ، فلما دخلت فزع واستوى جالسا ، فقال: ما أدخلك علي يا ابن الزبير؟ قلت: إني رأيت عورة من العدو [فاخرج] فاندب لي الناس . قال: وما هي؟ فأخبرته فخرج معي سريعا ، فقال: يا أيها الناس ، انتدبوا مع ابن الزبير ، فاخترت ثلاثين فارسا ، وقلت لسائرهم: اثبتوا على مصافكم . وحملت في الوجه الذي رأيت فيه جرجير ، وقلت لأصحابي: احموا لي ظهري ، فوالله ما نشبت أن خرقت الصف إليه ، فخرجت صامدا له ، وما يحسب هؤلاء أصحابه إلا أني رسول إليه حتى دنوت منه ، فعرف الشر ، فثنى برذونه موليا ، فأدركته فطعنته ، فسقط وسقطت الجاريتان عليه ، وأهويت إليه مبادرا فدققت عليه بالسيف ، وأصبت يد إحدى الجاريتين فقطعتها ، ثم احتززت رأسه فنصبته في رمحه ، وكبرت ، وحمل المسلمون في الوجه الذي كنت فيه ، وارفض العدو في كل وجه ، ومنح الله المسلمين أكتافهم ، فلما أراد ابن أبي سرح أن يوجه بشيرا إلى عثمان قال: أنت أولى من هاهنا بذلك . فانطلق إلى أمير المؤمنين فقدمت على عثمان فأخبرته بفتح الله ونصره ، ووصفت له أمرنا كيف كان ، فلما فرغت من ذلك قال: هل تستطيع أن تؤدي هذا إلى [ ص: 345 ] الناس؟ قلت: وما يمنعني من ذلك؟ قال: فاخرج إلى الناس فأخبرهم ، فخرجت حتى جئت المنبر ، فاستقبلت الناس ، فتلقاني وجه أبي الزبير بن العوام ، فدخلتني [منه] هيبة ، فعرفها أبي في ، فقبض قبضة من حصا ، وجمع وجهه في وجهي ، وهم أن يحصبني ، فاعتزمت فتكلمت ، فزعموا أن الزبير قال: والله لكأني سمعت كلام أبي بكر الصديق "من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها وأخيها ، فإنما تأتيه بأحدهما" .
وفيها: الوليد بن عتبة أذربيجان وأرمينية لمنع أهلها ما كانوا صالحوا عليه أيام عمر ، هذا في رواية غزا أبي مخنف ، وقال غيره: إنما كان ذلك في سنة ست وعشرين ، ثم إن الوليد صالح أهل أذربيجان على ثمانمائة ألف درهم ، وهو الصلح الذي صالحوا عليه سنة اثنتين وعشرين بعد وقعة حذيفة بن اليمان نهاوند بسنة ، ثم حبسوها عند وفاة عمر .
فلما ولي عثمان وولى الوليد الكوفة سار حتى وطئهم بالجيش ، ثم بعث سلمان بن ربيعة إلى أرمينية في اثني عشر ألفا ، فقتل وسبى ، وغنم . وقيل: كان هذا في سنة أربع وعشرين .
وفيها: عثمان إلى الوليد: إن جاشت الروم ، وجمعت جموعا كبيرة ، فكتب كتب إلي يخبرني أن معاوية الروم قد أجلبت على جموع عظيمة ، وقد رأيت أن تمدهم من أهل الكوفة بثمانية آلاف أو تسعة آلاف أو عشرة آلاف .
فبعث سلمان بن ربيعة في ثمانية آلاف ، فشنوا الغارات على أرض الروم ، وفتحوا حصونا كثيرة ، وملئوا أيديهم من الغنم .
وفيها: حج بالناس عثمان . [ ص: 346 ]