فصل الحيرة] [خبر ما بعد
ولما فتح خالد الحيرة قام شويل ، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكر فتح الحيرة ، فسألته كرامة بنت عبد المسيح ، فقال: "هي لك إذا فتحت عنوة" . وشهد له بذلك ، [ ص: 105 ]
[وعلى ذلك صالحهم] ، فدفعها إليه ، وكان يهزأ بها دهره ، فاشتد ذلك على أهلها ، فقالت: ما تخافون على امرأة قد بلغت ثمانين سنة ، وإنما هذا رجل أحمق رآني في شبيبتي ، فظن أن الشباب يدوم ، فلما أخذها قالت: ما أربك إلى عجوز كما ترى ، فادني ، فقال: لست لأم شويل إن [نقصتك] من ألف درهم ، فاستكثرت ذلك لتخدعه ثم أتته بها .
فلما سمع الناس ذلك عنفوه ، فقال: ما كنت أرى عددا يزيد على ألف .
ولما صالح خالد أهل الحيرة خرج إليه صلوبا صاحب قس الناطف ، فصالحه على بانقيا وبسما على ألوف في كل سنة .
وبعث عماله وبعث آخرين على ثغور ، ثم إن خالد بن الوليد خالدا كتب إلى أهل فارس وهم في المدائن مختلفون لموت أردشير ، وكتب كتابين: كتابا إلى الخاصة ، وكتابا إلى العامة ، وقال لرجل: ما اسمك؟ قال: مرة قال: خذ هذا الكتاب فأت به أهل فارس ، لعل الله أن يمر عليهم عيشهم ، وقال لآخر: ما اسمك؟ قال: هزقيل ، قال: خذ هذا الكتاب ، [وقال]: اللهم أرهق نفوسهم ، وكان في أحد الكتابين:
إلى ملوك فارس ، خالد بن الوليد أما بعد ، فالحمد لله الذي حل نظامكم ، ووهن كيدكم ، وفرق كلمتكم ، [ولو لم يفعل ذلك بكم كان شرا لكم] ، فادخلوا في أمرنا ندعكم وأرضكم ، ونجوزكم إلى غيركم ، وإلا كان ذلك وأنتم كارهون على أيدي قوم يحبون الموت كما تحبون الحياة" . "بسم الله الرحمن الرحيم ، من
وكان في الكتاب الآخر: "بسم الله الرحمن الرحيم ، من إلى [ ص: 106 ] مرازبة فارس ، أما بعد ، فالحمد لله الذي فرق كلمتكم ، وفل حدكم ، وكسر شوكتكم ، فاسلموا تسلموا ، وإلا فأدوا الجزية ، وإلا فقد جئتكم بقوم يحبون الموت ، كما تحبون الخمر" . خالد بن الوليد
وكان أهل فارس لموت أردشير مختلفين في الملك ، وكانوا بذلك سنة ، والمسلمون يمخرون ما دون دجلة وليس لأهل فارس فيما بين الحيرة ودجلة أمر ، وأمر خالد رسوليه أن يأتياه بالخبر ، وأقام في عمله سنة ، ومنزله الحيرة ، ويصعد ويصوب ، وأهل فارس يخلعون ويملكون ، وذلك أن شيري بن كسرى قتل كل من كان يناسبه إلى كسرى بن قباذ ، ووثب أهل فارس بعده وبعد أردشير ، وبعد أردشير ابنه ، فقتلوا كل من بين كسرى بن قباذ وبين بهرام جور ، فبقوا لا يقدرون على من يملكونه ممن يجتمعون عليه .
واستقام لخالد من أسفل الفلاليج إلى أسفل السواد ، وفرق سواد الحيرة على جماعة من أصحابه ، وفرق سواد الأبلة على جماعة من أصحابه .