الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[وفد سعد بن بكر]

وفي هذه السنة وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد سعد بن بكر .

أخبرنا هبة الله بن محمد ، قال: أخبرنا الحسين بن علي التميمي ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر ، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، قال: أخبرنا يعقوب ، قال: حدثني أبي ، عن محمد بن إسحاق ، قال: حدثني محمد بن الوليد بن نويفع ، عن كريب ، عن عبد الله بن عباس ، قال: بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدم عليه وأناخ بعيره على باب المسجد ، ثم عقله ، ثم دخل المسجد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه ، فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فلما عرفه ، قال: إني سائلك ومغلظ في المسألة ، فلا تجدن في نفسك . قال: "لا أجد في نفسي ، فسل عن ما بدا لك" قال:

أنشدك الله إلهك ، وإله من كان قبلك ، وإله من هو كائن بعدك ، آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ، وأن نخلع هذه الأنداد التي كانت آباؤنا تعبد من دون الله ، قال: "اللهم نعم" ، قال: وأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك ، وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس ، قال: "اللهم نعم" ، قال: ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة: الزكاة والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها ، [ ص: 217 ] يناشده عند كل فريضة ، كما يناشد في التي قبلها ، حتى إذا فرغ ، قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، وسأؤدي هذه الفرائض ، وأجتنب ما نهيتني عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص ، ثم انصرف راجعا إلى بعيره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولى: "إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة" . قال: فأتى إلى بعيره وأطلق عقاله ، ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه ، وكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى ، فقالوا: مه يا ضمام ، اتق البرص ، اتق الجذام ، اتق الجنون . قال: ويلكم ، إنهما والله ما يضران ولا ينفعان ، فإن الله تعالى قد بعث رسولا ، وأنزل عليه كتابا استنقذكم مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه ، قال: فو الله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما ، قال: يقول ابن عباس رحمة الله عليهما: ما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة
.

قال مؤلف الكتاب: وقد روى هذا الحديث شريك بن عبد الله ، عن كريب ، فقال فيه: "بعثت بنو سعد بن بكر ضماما في رجب سنة خمس" ، أخرجه البخاري في صحيحه مختصرا من حديث شريك ، عن أنس . وأخرجه مسلم من حديث ثابت ، عن أنس على اختصار واختلاف ألفاظ

التالي السابق


الخدمات العلمية