فصل
فإذا أنهينا ذكر المهم من الحوادث والحالات في كل سنة ذكرنا من مات في تلك السنة من الأكابر ، ويتعرض بذكر الجرح والتعديل . وقد يختلف في سنة موته فنذكر الأصح ، وذكر هذا من الحوادث أيضا ، وترتب أسماؤهم في كل سنة على الحروف فنقدم من اسمه على حرف الألف على الباء ، فإن خفي زمان موت ذاك الشخص ذكرناه مع أقرانه . [ ص: 118 ]
فقد اجتمع في كتابنا هذا ذكر الأنبياء ، والسلاطين ، والأحداث والمحدثين والفقهاء والمحدثين ، والزهاد ، والمتعبدين ، والشعراء ، والمتأدبين ، وفي الجملة جميع المتميزين من أهل الخير والشر أجمعين ، فيحصل بما يذكره مراد المسامر والمحدث ، ومقصود الناقل المحدث ، فكان هذا الكتاب مرآة يرى فيها العالم كله والحوادث بأسرها إلا أن يكون من لا وقع له فليس لذلك ذكر أو حادثة لا يغني تحتها ولا وجه لذكرها ،
وقد انتقى كتابنا نقي التواريخ كلها ، وأغنى من يعنى بالمهم منها عنها ، وجمع محاسن الأحاديث والأخبار اللائقة بالتواريخ ، وانتخب أحسن الأشعار عند ذكر قائلها ، وسلم من فضول الحشو ومرذول الحديث ، ومن لم يدخل فيه ما يصلح حذفه .
وقد كنت عزمت على مد النفس فيه بزيادة الأسانيد ، وجمع وشرح أخبار الشخص كلها ثم رأيت أن تخير الأوساط خير من الانبساط ، فأخذت في كف الكف عن التطويل ، وحذف أكثر الأسانيد لئلا يوجب الطول بحر الكتاب ، على أنه كثير بالإضافة إلى قلة الهمم ، والله تعالى ملهم الإصابة ، ومسعف الإجابة بمنه .