ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة فمن الحوادث فيها:
أنه في ربيع الأول دخل الروم رأس العين وسبوا من أهلها ثلاثة آلاف إنسان ، ونهبوا البلاد ، وكان الذي قصدها الدمستق في ثمانين ألفا .
وفي جمادى الأولى: كثرت الأمطار فتساقطت منازل الناس ، ومات خلق كثير تحت الهدم ، وما زالت قيمة العقار ببغداد تنقص ، وزاد الأمر بسبب الغلاء ، وبلغ الخبز الخشكار ثلاثة أرطال بدرهم ، والتمر رطلان بدرهم ، وأغلقت عدة حمامات ، وتعطلت أسواق ومساجد ، حتى صار يطلب من يسكن الدور بأجرة يعطاها ليحفظها ، وكثرت الكبسات بالليل من اللصوص بالسلاح والشمع ، وتحارس الناس بالليل بالبوقات ، وجاء في شباط مطر عظيم سيل وبرد كبار ، وجمعه الثلاجون وكبسوه ، وتساقطت الدور ، وبرد الهواء في آذار ، ووقع جليد كثير فاحترق أكثر الزرع ، ولم يجمد الماء في شتوة هذه السنة .
وورد الخبر في شوال بموت أبي طاهر سليمان بن الحسن الهجري في منزله [ ص: 35 ] بهجر ، وأنه جدر في رمضان هذه السنة ومات ، ولم يحج في هذه السنة أحد من بغداد ولا من خراسان لأجل موت الهجري ، فلم يحضر أحد من أهل هجر يبذرق الحاج فخاف الناس فأقاموا ، وكان الذي بقي من إخوة أبي طاهر ثلاثة: أبو القاسم سعيد وهو الرئيس الذي يدبر الأمور ، وأبو العباس وكان ضعيف البدن كثير الأمراض مقبلا على قراءة الكتب ، وأبو يعقوب يوسف وكان مقبلا على اللعب ، إلا أن الثلاثة كانت كلمتهم واحدة ، والرئاسة لجميعهم ، وكانوا يجتمعون على رأي واحد فيمضونه ، وكان وزراؤهم سبعة كلهم من بني سنبر .
وفي هذه السنة: قتل أبو عبد الله البريدي أخاه أبا يوسف ، وكان أبو يوسف يتكبر على أخيه ويؤذيه ، ودفنه بالأبلة من غير أن يغسله أو يكفنه ، وأخذ من ماله ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار وعشرة آلاف ألف درهم ، ، وأخذ من الكسوة والفرش والآلة ما قيمته ألف دينار ، وألف رطل ند وعشرين ألف رطل عود ، منها ألف رطل هندي ، وصادر العمال على ألف ألف دينار .