ثم دخلت سنة خمس وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المعتز جلس في دار العامة للمظالم ، فعزل وولى وأمضى الأمور ، وولى موسى بن بغا ديوان الجيش .
وولى سليمان بن عبد الله بن طاهر شرطة بغداد والسواد ، وذلك لست خلون من ربيع الآخر .
وفيها: أخذ صالح بن وصيف أحمد بن إسرائيل ، والحسن بن مخلد ، وأبا نوح ، وعيسى بن إبراهيم ، فقيدهم وطالبهم بأموال ، وقبضت أملاكهم وضياعهم ودورهم .
ولليلتين خلتا من رجب: ظهر عيسى بن جعفر ، وعلي بن زيد الحسنيان بالمدينة ، فقتلا بها عبد الله بن محمد بن داود بن علي .
ولثلاث بقين من رجب خلع المعتز ، وكان السبب [أن الكتاب] الذي ذكرنا أن صالح بن وصيف أخذهم لم يقروا بشيء ، فصار الأتراك إلى المعتز ، وقالوا له: [ ص: 80 ] أعطنا أرزاقنا لنقتل لك صالح بن وصيف ، فأرسل المعتز إلى أمه يسألها أن تعطيه مالا ، فقالت: ما عندي شيء . ثم وجدوا بعد ذلك في خزانتها ما يزيد على ألف ألف دينار ، فلما لم يعطهم ، ولا وجدوا في بيت المال شيئا اجتمعوا على خلع المعتز ، فصاروا إليه [لثلاث بقين من رجب] ثم بعثوا إليه: اخرج إلينا ، فبعث إليهم: إني قد أخذت الدواء وقد أضعفني ، ولا أقدر على الكلام ، فإن كان أمر لا بد منه ، فليدخل إلي بعضكم ، فليعلمني ، فدخل إليه منهم جماعة ، فجروا برجله وقميصه مخرق ، وآثار الدم على منكبيه ، فأقاموه في الشمس في شدة الحر ، فجعل يرفع قدما ويحط قدما من شدة الحر ، ثم جعل بعضهم يلطمه ويقول: اخلعها .
ثم أدخلوه حجرة وبعثوا إلى ابن أبي الشوارب فأحضروه مع جماعة من أصحابه ، فقال صالح وأصحابه: اكتبوا عليه كتاب خلع . فكتب ، وشهدوا عليه ، وخرجوا .
ثم دفع بعد الخلع إلى من يعذبه ، فمنعه الطعام والشراب ثلاثة أيام ، ثم جصصوا سردابا بالجص الثخين ، وأدخلوه فيه وأطبقوا عليه بابه ، فأصبح ميتا ، وولوا بعده المهتدي بالله .
[ ص: 81 ]