فمن الحوادث فيها :
عقد لابنه الرشيد محمد من بعده ولاية العهد ، فأخذ له بيعة القواد والجند ببغداد ، وسماه : ، وله يومئذ خمس سنين ، فقدمه على الأمين ، المأمون أكبر منه ، لأن أمه والمأمون زبيدة .
وقد روى قال : حدثنا أبو بكر الصولي سليمان بن داود [المهلبي قال : ] حدثنا القاسم بن محمد بن عباد ، عن أبيه قال : كان يقول : إني لأتعرف في عبد الله حزم الرشيد ، ونسك المنصور ، وعزة نفس المهدي ، فلو أشاء أن أنسبه إلى الرابعة في لنسبته ، وإني لأرضى سيرته ، وأحمد طريقته ، واستحسن سياسته ، وأرى قوته وذهنه ، وآمن ضعفه ووهنه ، وإني لأقدم محمدا عليه ، وأعلم أنه منقاد لهواه ، متصرف في طريقه ، مبذر لما حوته يده ، مشارك للنساء والإماء في رأيه ، ولولا الهادي أم جعفر وميل بني هاشم إليه لقدمت عبد الله عليه .
[ ص: 10 ] قال : ثم جعل يرى فضل الصولي ، وعقله فيندم على تقديمه محمدا ، فقال : المأمون
لقد بان وجه الرأي لي غير أنني غلبت على الأمر الذي كان أحزما فكيف يرد الذر في الضرع بعد ما
توزع حتى صار نهبا مقسما أخاف التواء الأمر بعد انصداعه
وأن ينقض الأمر الذي كان أبرما
وكان السبب في التقدم لمحمد : أن جماعة من بني العباس مدوا أعناقهم إلى الخلافة بعد ، إذ لم يكن له ولي عهد ، فمضى الرشيد عيسى بن جعفر إلى ، فقال له : أنشدك الله لما عملت في البيعة لابن أختي - يعني الفضل بن يحيى محمد بن زبيدة - فإنه ولدك ، وخلافته لك . فوعده أن يفعل ، فلما صار الفضل إلى خراسان فرق فيهم أموالا وأعطى [الجند ] عطيات متتابعة ، ثم أظهر البيعة لمحمد ، فبايع الناس له ، وكتب إلى الآفاق فبويع له ، فأنكر قوم البيعة لصغر سنه .
وفيها : عزل الرشيد العباس بن جعفر عن خراسان ، وولاها خاله الغطريف بن عطاء .
وفيها : صار يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن إلى الديلم ، فتحرك هناك .
وفيها : غزا الصائفة عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح .
[ ص: 11 ] [قال : الذي غزاها الواقدي عبد الله بن صالح ] . قال : وأصابهم في هذه الغزاة برد قطع أيديهم وأرجلهم .
وفيها : حج بالناس . وقيل : بل الرشيد سليمان بن المنصور .