فمن الحوادث فيها يزيد بن حاتم إفريقية ، وقتله افتتاح أبا غازي ، وأبا حاتم ومن كان معهما ، واستقامة بلاد المغرب ، ودخول يزيد القيروان .
وفيها: غزا الصائفة يزيد بن أسيد السلمي .
وفيها: وجه ابنه المنصور لبناء المهدي مدينة الرافقة ، فشخص إليها فبناها على بناء مدينته ببغداد ، في أبوابها وفصولها ورحابها وشوارعها سوى سورها وخندقها ، ثم انصرف إلى مدينة السلام .
وفيها: خندق أبو جعفر على الكوفة والبصرة ، وضرب عليهما سورا ، وجعل ما أنفق في ذلك من أموال أهل المكان .
وفيها: عزل عبد الملك بن أيوب عن البصرة ، واستعمل عليها القاسم بن معاوية العكي ، وضم إليه سعيد بن دعلج وأمره ببناء سور لها يطيف بها ، وخندق عليها من دون السور .
قال وقد ذكرنا أن ابن جرير: لما أراد الأمر ببناء سور المنصور الكوفة وبحفر خندق [ ص: 184 ] لها أمر بقسمة خمسة دراهم على أهل الكوفة ، وأراد بذلك علم عددهم ، فلما علم عددهم أمر بجبايتهم أربعين درهما من كل إنسان ، فجبوا . ثم أمر بإنفاق ذلك على سور الكوفة وحفر الخندق ، فقال شاعرهم:
يا لقومي ما لقينا من أمير المؤمنينا قسم الخمسة فينا
وجبانا أربعينا
وفيها: عزل أخاه المنصور العباس بن محمد عن الجزيرة وأغرمه مالا ، وغضب عليه وحبسه ثم رضي عنه ، واستعمل على حرب الجزيرة وخراجها موسى بن كعب .
وفيها: عزل المنصور محمد بن سليمان بن علي عن الكوفة ، واستعمل مكانه عمرو بن زهير أخا المسيب بن زهير .
وقال إنما كان هذا في سنة ثلاث وخمسين . عمر بن شبة: وعمرو هو الذي حفر الخندق بالكوفة .
واختلفوا في سبب عزله لمحمد بن سليمان . فقال بعضهم : إنما عزله لأمور قبيحة بلغته عنه اتهمه فيها .
وقال آخرون: بل كان السبب أنه أتى في عمله على الكوفة بعبد الكريم بن أبي العوجاء ، وكان خال فكثر شفعاؤه إلى معن بن زائدة ، أبي جعفر ، ولم يشفع فيه إلا ظنين ، فأمر بالكتاب إلى محمد بن سليمان بالكف عنه إلى أن يأتيه رأيه فيه .
فكلم ابن أبي العوجاء أبا الجبار ، فقال له: إن أخرني الأمير ثلاثة أيام فله مائة ألف درهم ولك كذا وكذا ، فأعلم أبو الجبار محمدا ، فقال: أذكرتنيه ، والله كنت قد نسيته ، فإذا [ ص: 185 ] انصرفت من الجمعة فأذكرنيه . فلما انصرف أذكره إياه فأمر بضرب عنقه ، فلما أيقن أنه مقتول قال: أما والله لئن قتلتموني لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال ، وأحلل فيها الحرام ، ولقد فطرتكم في يوم صومكم وصومتكم في يوم فطركم ، فضربت عنقه .
وورد على محمد رسول أبي جعفر بكتابه: إياك أن تحدث في ابن أبي العوجاء شيئا ، فإنك إن فعلت فعلت بك وفعلت ، يتهدده . فقال للرسول: هذا رأس ابن أبي العوجاء وهذا بدنه مصلوبا بالكناسة ، فأخبر أمير المؤمنين .
فلما بلغ الرسول أبا جعفر رسالته تغيظ عليه وأمر بعزله ، ثم قال: والله لقد هممت أن أقيده به ، ثم أرسل إلى عيسى بن علي فأتاه ، فقال: هذا عملك ، أنت أشرت بتولية هذا الغلام فوليته غلاما جاهلا لا علم له بما يأتي ، يقدم على رجل فيقتله من غير أن رأى ولا ينتظر أمري ، وقد كتبت بعزله وبالله لأفعلن ، يتهدده فسكت عنه عيسى حتى سكن غضبه ثم قال: يا أمير المؤمنين ، إن محمدا إنما قتل هذا الرجل على الزندقة فإن كان قتله صوابا فهو لك ، وإن كان خطأ فعلى محمد ، والله يا أمير المؤمنين لئن عزلته على تفيئة ما صنع لترجعن القالة من العامة عليك . فأمر بالكتب فمزقت وأقره على عمله .
وفيها: عزل الحسن بن زيد عن المدينة ، واستعمل عليها عبد الله بن علي ، وجعل معه فليح بن سليمان مشرفا عليه .
وكان على مكة والطائف محمد بن إبراهيم ، وعلى الكوفة عمرو بن زهير ، وعلى البصرة الهيثم بن معاوية ، وعلى إفريقية وعلى يزيد بن حاتم ، مصر محمد بن سعيد . [ ص: 186 ]