575 - أبان بن عثمان بن عفان ، يكنى أبا سعيد
ولي المدينة لعبد الملك سبع سنين وأشهر ، وهو أحد سبعة من فصحاء الإسلام ، سعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن عمير الليثي ، وأبو الأسود الدؤلي ، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص ، والحسن البصري ، وقبيصة بن جابر الأسدي .
وولد [له] ستة ذكور منهم عبد الرحمن بن أبان . وكان من أزهد الناس ، وعقب أبان كثير بناحية الأندلس . توفي بالمدينة في هذه السنة بعد أن فلج سنه أعظم فالج حتى ضرب به المثل . وكان به وضح عظيم ، وصمم شديد ، وحول قبيح . وهو وأخواه عمرو وعمر لأم واحدة .
576 - شفي بن ماتع ، أبو عبيد الأصبحي :
يروي عن عبد الله بن عمرو ، . وكان عالما حكيما . روى عنه وأبي هريرة أبو قبيل المعافري وغيره . وكان شفي إذا أقبل يقول : جاءكم أعلم من عليها . عبد الله بن عمرو
577 - الضحاك بن مزاحم ، أبو القاسم الهلالي :
أصله من الكوفة ، حملت به أمه سنتين ، وكان عالما بالتفسير ، لقي [ ص: 101 ] فأخذ عنه ، ولم ير سعيد بن جبير وكان يعلم ولا يأخذ أجرا ، ثم أقام ابن عباس ، ببلخ .
قال قبيصة بن قيس العنبري : كان إذا أمسى بكى ، فيقال له: ما يبكيك؟ فيقول: لا أدري ما صعد اليوم من عملي . الضحاك بن مزاحم
توفي الضحاك في هذه السنة ، وقيل: في سنة اثنتين ومائة .
578 - عبد الله بن حبيب بن ربيعة ، أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي :
سمع عثمان ، وعليا ، وابن مسعود ، وغيرهم . روى عنه وحذيفة ، سعيد بن جبير ، . وأقرأ القرآن الناس أربعين سنة ، وصام ثمانين رمضان . وإبراهيم النخعي
أخبرنا قال: أنبأنا أبو منصور القزاز ، أبو بكر بن ثابت ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يوسف الصياد ، قال: أخبرنا أحمد بن يوسف بن خلاد ، قال: حدثنا الحارث بن محمد ، قال: حدثنا عفان ، قال: حدثنا عن حماد بن سلمة ، قال : عطاء بن السائب ، عبد الله بن حبيب وهو يقضي في مسجده ، فقلنا: يرحمك الله لو تحولت إلى فراشك ، فقال: حدثني من سمع من النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة ، تقول الملائكة: اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه" .
فأريد أن أموت وأنا في مسجدي . توفي في هذه السنة وله تسعون سنة . [ ص: 102 ] دخلنا على
579 - عكرمة مولى عبد الله بن عباس ، يكنى أبا عبد الله :
توفي وهو عبد ، فاشتراه ابن عباس من خالد بن يزيد بن معاوية علي بن عبد الله بن عباس بأربعة آلاف دينار ، فبلغ ذلك عكرمة فأتى عليا فقال: بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار ، فراح علي إلى خالد فاستقاله فأقاله فأعتقه .
وكان يروي عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، والحسين بن علي ، . وعائشة
أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن سليمان ، قال: حدثنا قال: حمد بن أحمد ،
حدثنا قال: حدثنا أبو نعيم الأصفهاني ، أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، قال:
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، قال: حدثنا سعيد بن عمر ، قال: حدثنا عن حماد بن زيد ، الزبير بن الحريث ، عن عكرمة ، قال:
كان يجعل في رجلي الكبل يعلمني القرآن ، والسنن . ابن عباس
وكان يقول: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من الشعبي عكرمة .
وقال جابر بن زيد : عكرمة أعلم الناس .
وقال : أعلمهم بالتفسير قتادة عكرمة .
توفي عكرمة بالمدينة في هذه السنة ، وقيل: في سنة سبع ، وقيل: في سنة ست ، وهو ابن ثمانين سنة .
580 - غزوان بن غزوان الرقاشي ، وقيل: غزوان بن زيد :
كان من كبار الصالحين .
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر ، عن أبي محمد الجوهري ، عن قال: أخبرنا أبي عمرو بن حيويه ، ابن معروف ، قال: حدثنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، [ ص: 103 ] قال: حدثنا يحيى بن راشد ، قال: حدثنا عثمان بن عبد الحميد الرقاشي ، قال:
سمعت مشيختنا يذكرون:
أن غزوان لم يضحك منذ أربعين سنة .
وكان غزوان يغزو ، فإذا أقبلت الرفاق راجعين تستقبلهم أمه فتقول لهم: أما تعرفون غزوان ، فيقولون: ويحك يا عجوز ، ذاك سيد القوم .
581 - كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر بن مخلد ، أبو صخر الخزاعي الشاعر :
واسم أمه جمعة بنت الأشيم بن خالد ، وقيل: جمعة بنت كعب بن عمرو . وقيل:
كانت كنية جده أبي أمه أبا جمعة ، فلذلك قيل: ابن أبي جمعة . وكان شاعرا مجيدا إلا أنه كان رافضيا وأنه أحق من محمد بن الحنفية ، الحسن بالإمامة ومن سائر الناس . والحسين وأنه حي مقيم بجبل رضوى لا يموت . ومدح يقول بإمامة عبد الملك وكان يقول بالتناسخ والرجعة . وكان يقول: أنا وعمر بن عبد العزيز ، يونس بن متى ، يعني أن روحه نسخت في . وقال يوما: ما يقول الناس في؟ قيل: يقولون إنك الدجال ، فقال:
إني لأجد في عيني ضعفا منذ أيام .
وكان بمكة وقد ورد على الأمراء الأمر بلعن علي رضي الله عنه ، فرقى المنبر وأخذ بأستار الكعبة وقال:
لعن الله من يسب عليا وبنيه من سوقة وإمام أيسب المطهرون أصولا
والكرام الأخوال والأعمام يأمن الطير والحمام ولا
يأمن آل الرسول عند المقام
إن امرأ كانت مساوئه حب النبي بغير ذي عتب
[ ص: 104 ] وبني أبي حسن ووالدهم من طاب في الأرحام والصلب
أترون ذنبا أن أحبهم بل حبهم كفارة الذنب
ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد مزير
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الجبار ، قال:
أخبرنا قال: حدثنا أبو الطيب الطبري ، قال: حدثنا المعافى بن زكريا ، الحسن بن علي بن المرزبان ، قال: حدثنا عبد الله بن هارون النحوي ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي يعقوب الدينوري ، قال: حدثني نصر بن ميمون ، عن العتبي ، قال:
كان يحب النظر إلى عبد الملك بن مروان كثير إذ دخل عليه آذنه يوما ، فقال: يا أمير المؤمنين ، هذا كثير بالباب ، فاستبشر عبد الملك وقال: أدخله يا غلام ، فأدخل كثير - وكان دميما حقيرا تزدريه العين - فسلم بالخلافة ، فقال عبد الملك: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، فقال كثير: مهلا يا أمير المؤمنين ، فإنما الرجل بأصغريه:
لسانه وقلبه ، فإن نطق نطق ببيان ، وإن قاتل قاتل بجنان ، وأنا الذي أقول:
وجربت الأمور وجربتني فقد أبدت عريكتي الأمور
وما تخفى الرجال علي إني بهم لأخو مثاقفه خبير
ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد مزير
ويعجبك الطرير فتبتليه فيخلف ظنك الرجل الطرير
وما عظم الرجال لهم بزين ولكن زينها كرم وخير
بغاث الطير أطولها جسوما ولم تطل البزاة ولا الصقور
[ ص: 105 ] بغاث الطير أكثرها فراخا وأم الصقر مقلات نزور
لقد عظم البعير بغير لب فلم يستغن بالعظم البعير
فيركب ثم يضرب بالهراوي ولا عرف لديه ولا نكير
خير إخوانك المنازل في المر وأين الشريك في المر أينا
الذي إن حضرت سرك في الحي وإن غبت كان أذنا وعينا
ذاك مثل الحسام أخلصه القين جلاه الجلاء فازداد زينا
أنت في معشر إذا غبت عنهم بدلوا كل ما يزينك شينا
وإذا ما رأوك قالوا جميعا أنت [من] أكرم الرجال علينا
صديقك حين تستغني كثير وما لك عند فقرك من صديق
[فلا تنكر على أحد إذا ما طوى عنك الزيارة عند ضيق]
وكنت إذا الصديق أراد غيظي على حنق وأشرقني بريقي
غفرت ذنوبه وصفحت عنه مخافة أن أكون بلا صديق
أنه كان أمر كثير أنه مر بنسوة من بني ضمرة ومعه غنم ، فأرسلن إليه عزة وهي صغيرة ، فقالت: تقول لك النسوة: بعنا كبشا من هذه الغنم وأنسئنا بثمنه إلى أن ترجع ، فأعطاها كبشا فأعجبته حينئذ ، فلما رجع جاءته امرأة منهن بدراهمه ، فقال: أين الصبية [ ص: 106 ] التي أخذت مني الكبش؟ قالت: وما تصنع بها ، هذه دراهمك ، قال: لا آخذ دراهمي إلا ممن دفعت إليه ، وقال:
قضى كل ذي دين فوفى غريمه وعزة ممطول معنى غريمها
نظرت إليها نظرة وهي عاتق على حين أن شبت وبان نهودها
نظرت إليها نظرة ما يسرني بها حمر أنعام البلاد وسودها
وكنت إذا ما جئت سعدا بأرضها أرى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها
من الخفرات البيض ود جليسها إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها
وقد حكي عنه أنه لم يكن بالصادق في محبته . وروينا أن عزة تنكرت له فتبعها وقال: يا سيدتي قفي أكلمك ، قالت وهل تركت عزة فيك بقية لأحد ، فقال: لو أن عزة أمة لي لوهبتها لك ، قالت: فكيف بما قلت في عزة؟ قال: أقلبه لك ، فسفرت عن وجهها وقالت: أغدرا يا فاسق ، ومضت ، فقال:
ألا ليتني قبل الذي قلت شيب لي من السم جدحات بماء الذرارح
فمت ولم تعلم علي خيانة وكم طالب للربح ليس برابح
حدثنا قال: حدثنا أبو بكر بن الأنباري ، أحمد بن يحيى ، عن قال: الزبير بن بكار ،
كتب إلي إسحاق بن إبراهيم الموصلي يقول: حدثني أبو المتيع قال:
خرج كثير يلتمس عزة ومعه شنينة فيها ماء فأخذه العطش فتناول الشنينة فإذا هي غطم ما فيها شيء من الماء ، فرفعت له نار فأمها ، فإذا بقربها مظلة بفنائها عجوز ، فقالت له: من أنت؟ قال: أنا كثير ، قالت: قد كنت أتمنى ملاقاتك فالحمد لله الذي [ ص: 107 ] أرانيك ، قال: وما الذي تلتمسينه عندي؟ قالت: ألست القائل:
إذا ما أتينا خلة كي تزيلها أبينا وقلنا الحاجبية أول
سنوليك عرفا إن أردت وصالنا ونحن لتلك الحاجبية أوصل
يا رب عارضة علي وصالها بالجد تخلطه بقول الهازل
فأجبتها في القول بعد تأمل حبي بثينة عن وصالك شاغلي
لو كان في قلبي كقدر قلامة فضلا وصلتك أو أتتك رسائلي
قال : وحدثني أبي ، قال: حدثنا أبو بكر بن الأنباري أبو عكرمة وأحمد بن عبيدة ، قالا:
لما أتي بأسارى يزيد بن عبد الملك بني المهلب أمر بضرب أعناقهم ، فكان كثير حاضرا ، فقام وأنشأ يقول:
فعفو أمير المؤمنين وحسبة فما يحتسب من صالح لك يكتب
أساءوا فإن تغفر فإنك قادر وأفضل حلم حسبة حلم مغضب
قال أبو بكر: أطت: حنت .
أخبرنا محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج ، قال: أخبرنا علي بن المحسن التنوخي ، قال: أخبرنا علي بن عيسى الرماني ، قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد ، قال: أخبرنا عبد الأول بن مزيد ، قال: أخبرني عن أبيه ، قال: [ ص: 108 ] حماد بن إسحاق ،
خرج كثير يريد فأكرمه ورفع منزلته وأحسن جائزته وقال: عبد العزيز بن مروان
سلني ما شئت من الحوائج ، قال: نعم أحب أن تنظر لي من يعرف قبر عزة فيقفني عليه ، فقال رجل من القوم: إني لعارف به ، فانطلق به الرجل حتى انتهى إلى قبرها ، فوضع يده عليه وعيناه تجريان وهو يقول:
وقفت على ربع لعزة ناقتي وفي الترب رشاش من الدمع يسفح
فيا عز أنت البدر قد حال دونه رجيع تراب والصفيح المصرح
وقد كنت أبكي من فراقك خيفة فهذا لعمري اليوم إياي أنزح
فهلا فداك الموت من أنت قربه ومن هو أسوأ منك حالا وأقبح
ألا لا أرى بعد ابنة النضر لذة بشيء ولا ملحا لمن يتملح
فلا زال وادي رمس عزة سائلا به نعمة من رحمة الله تسفح
أرب لعيني البكا كل ليلة فقد كان مجرى دمع عيني يقرح
إذا لم يكن ماء تجلتنا دما وشر البكاء المستعار الممنح
خليلي هذا رسم عزة فاعقلا قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلت
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا ولا مرجفات الحزن حتى تولت
فقلت لها يا عز كل مصيبة إذا وطنت يوما لها النفس ذلت
أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها وحلت بلاغا لم تكن قبل حلت
وو الله ما قاربت إلا تباعدت بصرم ولا أكثرت إلا أقلت
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة لدينا ولا مولية إن تقلت
فلا يحسب الواشون أن صبابتي بعزة كانت غمرة فتجلت
وكنا ارتقينا من صعود من الهوى فلما علوناه ثبت وزلت
وكنا عقدنا عقدة الوصل بيننا فلما توافينا شددت وحلت
وللعين أسراب إذا ما ذكرتها وللقلب أسرار إذا العين ملت
582 - يزيد بن عبد الملك بن مروان:
توفي بالبلقاء من أرض دمشق وهو ابن ثمان وثلاثين ، وقيل: ثلاث وثلاثين ، وكانت وفاته يوم الجمعة لخمس بقين من شعبان هذه السنة ، وصلى عليه نساء الوليد ، وكان يومئذ هشام بن عبد الملك بحمص ، وكانت خلافته أربع سنين وشهرا .
وكان سبب موته أنه كانت له جارية اسمها حبابة ، وكان يحبها حبا شديدا ، فماتت فتغير وبقي أياما لا يظهر للناس ، ثم مات .
وروى أبو بكر بن دريد ، عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي ، عن عمه ، قال:
حج في خلافة أخيه يزيد بن عبد الملك فعرضت عليه جارية مغنية جميلة ، فأعجب بها غاية الإعجاب فاشتراها بأربعة آلاف دينار ، وكان اسمها الغالية فسماها حبابة ، وكان يهواها سليمان بن عبد الملك ، الحارث بن خالد المخزومي ، فقال لما بلغه خروج يزيد بها:
ظعن الأمير بأحسن الخلق وغدا بليل مطلع الشرق
فبينا هو [في] بعض الأيام مع امرأته سعدى بنت عمرو بن عثمان إذ قالت له:
بقي في قلبك شيء من أمور الدنيا لم تنله؟ قال: نعم حبابة ، فأمسكت حتى إذا كان من الغد أرسلت بعض ثقاتها إلى مصر ، ودفعت إليه مالا وأمرته بابتياع حبابة ، فمضى فما كان بأسرع من أن ورد وهي معه قد اشتراها ، فأمرت سعدى قيمة جواريها أن تصنعها ، وكستها من أحسن الثياب ، وصاغت لها من أفخر الحلي ، ثم قالت [ ص: 110 ] لها: أمير المؤمنين متحسر عليك وله اشتريتك ، فسرت ودعت لها ، ولبثت أياما تصنعها تلك القيمة حتى إذا ذهب عنها وعث السفر قالت سعدى ليزيد: إني أحب أن تمضي معي إلى بستانك بالغوطة لنتنزه فيه ، قال: أفعل فتقدميني ، فمضت وضربت ، فيه قبة وشي ونجدتها بالفرش وجعلت داخلها كله قصب وأجلست فيها حبابة ، وجاء يزيد فأكلوا وجلسوا على شرابهم ، فأعادت سعدى عليه: هل بقي في قلبك من الدنيا شيء لم تبلغه؟ قال: نعم حبابة ، قالت: فإني قد اشتريت جارية ذكرت أنها علمتها غناءها كله ، فهي تغني مثلها فتنشط لاستماعها ، قال: أي والله ، فجاءت به إلى القبة وجلسا قدامها وقالت: غني يا جارية ، فغنت الصوت الذي غنته ليزيد لما اشتراها وهو من شعر كثير:
وبين التراقي والفؤاد حرارة مكان الشجى لا تستقل فتبرد
وبين التراقي والفؤاد حرارة مكان الشجى لا تستقل فتبرد
أخبرنا المبارك بن علي ، قال: أخبرنا ابن العلاف ، قال: أخبرنا عبد الملك بن بشران ، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، قال: أخبرنا محمد بن جعفر ، قال: أخبرنا علي بن الأعرابي ، قال: حدثنا علي بن عمروس:
أن دخل يوما بعد موت يزيد بن عبد الملك حبابة إلى خزائنها ومقاصيرها ، فطاف فيها ومعه جارية من جواريها فتمثلت الجارية بهذا البيت:
كفى حزنا بالواله الصب أن يرى منازل من يهوى معطلة قفرا
أن بينا هو مع يزيد بن عبد الملك حبابة أسر الناس بها حذفها بحبة رمان أو بعنبة وهي تضحك ، فوقعت في فيها فشرقت فماتت ، فأقامت عنده في البيت حتى جيفت أو كادت تجيف ، ثم خرج فدفنها وأقام أياما ثم خرج حتى وقف على قبرها وقال:
فإن تسل عنك النفس أو تدع الصبا فبالنفس أسلو عنك لا بالتجلد
وقال يحيى بن أسقوط الكندي : ماتت حبابة فأحزنت فخرج في جنازتها فلم تقله رجلاه ، فأقام وأمر يزيد بن عبد الملك ، مسلمة فصلى عليها ثم لم يلبث بعدها إلا يسيرا حتى مات . [ ص: 112 ]