الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : قريظة بضم القاف وفتح الراء وسكون التحتية وبالظاء المعجمة المشالة فتاء تأنيث ، قال السمعاني هو اسم رجل نزل أولاده قلعة حصينة بقرب المدينة فنسبت إليهم .

                                                                                                                                                                                                                              وقريظة والنضير أخوان من أولاد هارون - عليه الصلاة والسلام .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني :

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري في جميع الروايات عن شيخه عبد الله بن محمد بن أسماء قال : حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله [ ص: 19 ] - صلى الله عليه وسلم : «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة » . إلخ . ووافق البخاري على لفظ العصر من طريق جويرية الإسماعيلي ، وأبو نعيم من طريق أبي حفص السلمي عن جويرية وأصحاب المغازي . ورواه الطبراني ، والبيهقي في الدلائل بإسناد صحيح إلى الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه عبيد الله بن كعب . ورواه الطبراني أيضا من هذا الوجه موصولا بذكر كعب بن مالك والبيهقي عن عائشة - رضي الله عنها - ورواه مسلم عن عبد الله بن محمد بن أسماء بسنده وقال : «لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة » . ووافقه ابن سعد ، وأبو يعلى ، وابن حبان ، وأبو نعيم من غير طريق أبي حفص السابق ،

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : ولم أره عن جويرية - من غير طريق أبي حفص السلمي إلا بلفظ الظهر ، وجمع بينهما باحتمال أن يكون بعضهم قبل الأمر كان صلى الظهر ، وبعضهم لم يصلها . فقيل لمن لم يصلها ، لا يصلين أحد الظهر ، ولمن صلاها لا يصلين أحد العصر . أو أن طائفة منهم راحت بعد طائفة ، فقيل للطائفة الأولى الظهر ، والتي بعدها العصر .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : وهو جمع لا بأس به ، لكن يبعده اتحاد مخرج الحديث ، لأنه عند الشيخين كما بيناه بإسناد واحد من مبدئه إلى منتهاه ، فيبعد أن يكون كل من رجال إسناده حدث به .

                                                                                                                                                                                                                              على الوجهين إذ لو كان كذلك لحمله واحد منهم عن بعض رواته ، وسبق الكلام على ذلك ، ثم قال : هذا كله من حيث حديث ابن عمر ، أما بالنظر إلى حديث غيره فالاحتمالان المتقدمان في كونه قال «الظهر» لطائفة متجه فيحتمل أن رواية «الظهر» هي التي سمعها ابن عمر ، ورواية «العصر» هي التي سمعها كعب بن مالك ، وعائشة - رضي الله عنهما - وقيل في وجه الجمع أيضا

                                                                                                                                                                                                                              أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل القوة ، أو لمن كان منزله قريبا «لا يصلين أحد الظهر»

                                                                                                                                                                                                                              وقال لغيرهم : «لا يصلين أحد العصر» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : أغرب ابن التين فادعى أن الذين صلوا «العصر» صلوا على ظهور دوابهم ، واستند إلى أن النزول إلى الصلاة ينافي مقصود الإسراع في الوصول . قال : فأما الذين لم يصلوها عملوا بالدليل الخاص وهو الأمر بالإسراع فتركوا عموم إيقاع «العصر» في وقتها إلى أن فات ، والذين صلوا جمعوا بين دليلي وجوب الصلاة ووجوب الإسراع فصلوا ركبانا ، لأنهم لو صلوا نزولا لكان مضادا لما أمروا به من الإسراع ، ولا يظن ذلك بهم مع ثقوب أفهامهم قال الحافظ : وفيه نظر ، لأنه لم يأمرهم بترك النزول ، فلعلهم فهموا أن المراد بأمرهم ألا يصلوا العصر إلا في بني قريظة المبالغة في الأمر بالإسراع ، فبادروا إلى امتثال أمره وخصوا وقت [ ص: 20 ] الصلاة من ذلك لما تقرر عندهم من تأكيد أمرها فلا يمتنع أن ينزلوا فيصلوا ، ولا يكون في ذلك مضادة لما أمروا به . ودعوى أنهم صلوا ركبانا يحتاج إلى دليل ، ولم أره صريحا في شيء من طرق هذه القصة .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : يستفاد من حديث ابن عمر ، وكعب بن مالك ، وعائشة ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد ، فيؤخذ منه عدم تأثيمه ، وحاصل ما وقع في القصة أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته ، ولم يبالوا بخروج الوقت ترجيحا للنهي الثاني على الأول ، وهو ترك تأخير الصلاة على وقتها واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب ، ولا سيما الزمان زمان التشريع ، والبعض الآخر حملوا النهي على غير الحقيقة وأنه كناية عن الحث والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة : وقال في «زاد المعاد» ما حاصله : كل من الفريقين مأجور بقصده إلا أن من صلى حاز الفضيلتين : امتثال الأمر في الإسراع ، وامتثال الأمر في المحافظة على الوقت ولا سيما في هذه القصة بعينها من الحث على المحافظة عليها ، وأن من فاتته حبط عمله ، وإنما لم يعنف الذين أخروها لقيام عذرهم في التمسك بظاهر الأمر ، ولأنهم اجتهدوا فأخروا امتثالا للأمر ، لكنهم لم يصلوا إلى أن يكونوا في أصوب من اجتهاد الطائفة الأخرى .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : قال السهيلي : قوله «من فوق سبع سماوات» معناه أن الحكم نزل من فوق .

                                                                                                                                                                                                                              قال : ومثله قول زينب بنت جحش ، رضي الله عنها - : زوجني الله تعالى من نبيه من فوق سبع سماوات ، أي أنزل تزويجها من فوق ، قال : ولا يستحيل وصفه - تعالى - بالفوق ، على المعنى الذي يليق بجلاله لا على المعنى الذي يسبق إلى الوهم من التحديد الذي يفضي إلى التشبيه .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : اختلف في مدة الحصار فقال ابن عقبة : بضع عشرة ليلة ، وقال ابن سعد :

                                                                                                                                                                                                                              خمس عشرة ليلة ، وروى ابن سعد عن علقمة بن وقاص خمسا وعشرين ليلة : ورواه ابن إسحاق عن أبيه عن معبد بن كعب ، ورواه الإمام أحمد والطبراني عن عائشة - رضي الله عنها .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : اختلف في عدد من قتل من بني قريظة : فعند ابن إسحاق : أنهم كانوا ستمائة ، وبه جزم أبو عمر في ترجمة سعد بن معاذ ، وعند ابن عائذ من مرسل قتادة : كانوا سبعمائة .

                                                                                                                                                                                                                              وقال السهيلي : المكثر يقول : إنهم ما بين الثمانمائة إلى التسعمائة ، وفي حديث جابر عند الترمذي والنسائي وابن حبان بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمائة مقاتل ، فيحتمل في طريق الجمع ، أن يقال إن الباقين كانوا أتباعا ، وقد حكى ابن إسحاق أنه قيل : إنهم كانوا تسعمائة .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن : في شرح غريب القصة .

                                                                                                                                                                                                                              «رجل رأسه» بفتح الراء والجيم المشددة : سرحه .

                                                                                                                                                                                                                              المجمرة - بكسر الميم الأولى : المبخرة . [ ص: 21 ]

                                                                                                                                                                                                                              عذيرك - بفتح العين المهملة وكسر الذال المعجمة وسكون التحتية وفتح الراء أي هات من يعذرك ، فعيل بمعنى فاعل .

                                                                                                                                                                                                                              دحية - بكسر الدال المهملة وفتحها : وهو الريش .

                                                                                                                                                                                                                              إثره - بكسر الهمزة وسكون الثاء المثلثة ويجوز فتحها ، وحكى تثليث الهمزة .

                                                                                                                                                                                                                              الاعتجار بالعمامة : هو أن يلفها على الرأس ، ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه .

                                                                                                                                                                                                                              أرى - بضم الهمزة : أظن .

                                                                                                                                                                                                                              الرحالة - بكسر الراء وتخفيف الحاء المهملة : سرج من جلود ليس فيه خشب ، كانوا يتخذونه للركض الشديد ، والجمع الرحائل .

                                                                                                                                                                                                                              اللأمة - بالهمزة : الدرع ، وقيل : السلاح . ولأمة الحرب آلته ، وقد يترك الهمز للتخفيف .

                                                                                                                                                                                                                              الإستبرق : ضرب من الديباج غليظ .

                                                                                                                                                                                                                              الديباج : فارسي معرب ، وقد تكسر الدال وقد تفتح .

                                                                                                                                                                                                                              القطيفة : كساء له خمل الماجشون - بكسر الجيم وضم الشين المعجمة : ومعناه الورد .

                                                                                                                                                                                                                              الثنايا - جمع ثنية : وهي الثنى .

                                                                                                                                                                                                                              حمراء الأسد : تقدمت في غزوتها .

                                                                                                                                                                                                                              الجهد : المشقة والتعب .

                                                                                                                                                                                                                              الصفا - بالقصر : الحجارة ، ويقال : الحجارة الملس .

                                                                                                                                                                                                                              لأضعضعنها : لأحركنها وأزلزلنها .

                                                                                                                                                                                                                              ساطعا : مرتفعا .

                                                                                                                                                                                                                              الزقاق - بضم الزاي وتخفيف القاف وبعد الألف قاف أخرى .

                                                                                                                                                                                                                              بني غنم - بغين معجمة مفتوحة وسكون النون : بطن من الخزرج من ولد غنم بن مالك بن النجار .

                                                                                                                                                                                                                              كأني أنظر إلى الغبار : أي أنه مستحضر القصة حتى كأنه ينظر إليها مشخصة له بعد تلك المدة الطويلة .

                                                                                                                                                                                                                              موكب جبريل - بتثليث الباء ، الفتح بتقدير انظر ، والجر بدل من الغبار ، والضم خبر [ ص: 22 ]

                                                                                                                                                                                                                              مبتدأ محذوف تقديره هذا موكب جبريل . والموكب : نوع من السير ، وجماعة الفرسان أو جماعة يسيرون وكان السير برفق .

                                                                                                                                                                                                                              يا خيل الله اركبي» فيه حذف مضاف تقديره : يا فرسان خيل الله اركبي .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية