الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر مسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني قريظة

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر ، وابن سعد ، وابن هشام ، والبلاذري : فاستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة ابن أم مكتوم .

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم لسبع بقين من ذي القعدة ، ولبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلاح والدرع والمغفر والبيضة وأخذ قناة بيده ، وتقلد الترس ، وركب فرسه اللحيف ، وحف به أصحابه ، قد لبسوا السلاح وركبوا الخيل ، وكانت الخيل ستة وثلاثين فرسا وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه ، والخيل والرجالة حوله قال ابن سعد :

                                                                                                                                                                                                                              وكان معه - صلى الله عليه وسلم ثلاثة آلاف ، قلت : كذا ذكر محمد بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ركب فرسا . وروى الطبراني في الأوسط بسند رجاله ثقات عن أبي رافع ، وابن سعد عن البيهقي وغيره والطبراني عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لما أتى بني قريظة ركب على حمار عري يقال له يعفور ، والناس حوله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم ، والبيهقي وأبو نعيم عن عائشة وابن إسحاق عن . . . . . ومحمد بن عمر عن شيوخه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بنفر من بني النجار بالصورين فيهم حارثة بن النعمان قد صفوا عليهم السلاح فقال : «هل مر بكم أحد ؟ » قالوا : نعم ، دحية الكلبي مر على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من إستبرق وأمرنا بحمل السلاح سلاحنا فأخذنا وصففنا ، وقال لنا : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلع عليكم الآن ،

                                                                                                                                                                                                                              قال حارثة بن النعمان : وكنا صفين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «ذاك جبريل بعث إلى بني قريظة ليزلزل بهم حصونهم ويقذف الرعب في قلوبهم»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وسبق علي في نفر من المهاجرين والأنصار فيهم أبو قتادة - إلى بني قريظة .

                                                                                                                                                                                                                              روى محمد بن عمر عن أبي قتادة قال : انتهينا إلى بني قريظة ، فلما رأونا أيقنوا بالشر ، وغرز علي الراية عند أصل الحصن ، فاستقبلونا في صياصيهم يشتمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه . قال أبو قتادة : وسكتنا ، وقلنا : السيف بيننا وبينكم ، وانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى [ ص: 6 ] بني قريظة ، فنزل قريبا من حصنهم على بئر أنا بأسفل حرة بني قريظة ، فلما رآه علي - رضي الله عنه - رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمرني أن ألزم اللواء ، فلزمته ، وكره أن يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذاهم وشتمهم .

                                                                                                                                                                                                                              فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم : «لا عليك ألا تدنو من هؤلاء الأخابيث ، فإن الله - تعالى - كافيك اليهود . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «لم تأمرني بالرجوع ؟ فكتمه ما سمع ، فقال : «أظنك سمعت منهم لي أذى» فقال : نعم يا رسول الله . قال : «لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا» . فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، وتقدمه أسيد بن الحضير - فقال : يا أعداء الله : لا نبرح عن حصنكم حتى تموتوا جوعا ، إنما أنتم بمنزلة ثعلب في جحر ، فقالوا : يا ابن الحضير :

                                                                                                                                                                                                                              نحن مواليك دون الخزرج ، وخاروا ، فقال : لا عهد بيني وبينكم ولا إلا وذمة ، ودنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم . وترسنا عنه ، ونادى بأعلى صوته نفرا من أشرافهم ، حتى أسمعهم فقال : «أجيبوا يا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته ؟ أتشتمونني ؟ ! فجعلوا يحلفون ما فعلنا ، ويقولون : يا أبا القاسم ما كنت جهولا ، وفي لفظ : ما كنت فاحشا . واجتمع المسلمون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشاء ، وبعث سعد بن عبادة - رضي الله عنه - بأحمال تمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين . فكان طعامهم ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم يومئذ «نعم الطعام التمر» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية