الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر انهزام المشركين وإرسال الله تعالى عليهم البرد والريح والملائكة تزلزلهم

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن إسحاق : وبعث الله الريح في ليلة باردة شاتية . فجعلت تكفأ قدورهم ، وتطرح آنيتهم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد ، عن سعيد بن جبير قال : لما كان يوم الخندق أتى جبريل ومعه الريح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى جبريل : «ألا أبشروا !»

                                                                                                                                                                                                                              ثلاثا ، فأرسل الله تعالى عليهم الريح ، فهتكت القباب ، وكفأت القدور ، ودفنت الرجال ، وقطعت الأوتاد ، فانطلقوا لا يلوي أحد على أحد ، وأنزل الله تعالى : إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها
                                                                                                                                                                                                                              [الأحزاب 9] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي حاتم وأبو نعيم والبزار برجال الصحيح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كانت ليلة الأحزاب جاءت الشمال إلى الجنوب فقالت : انطلقي فانصري الله ورسوله ، فقالت الجنوب : إن الحرة لا تسري بالليل ، فغضب الله تعالى عليها فجعلها عقيما ، وأرسل الصبا ، فأطفأت نيرانهم ، وقطعت أطنابهم ،

                                                                                                                                                                                                                              فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والشيخان والنسائي عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور» . [ ص: 387 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن مجاهد في قوله تعالى : فأرسلنا عليهم ريحا قال : يعني ريح الصبا ، أرسلت على الأحزاب يوم الخندق ، حتى كفأت قدورهم على أفواهها ، ونزعت فساطيطهم حتى أظعنتهم . وجنودا لم تروها قال : الملائكة . قال : ولم تقاتل يومئذ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : بعث الله تعالى عليهم الريح والرعب كلما بنوا قطع الله أطنابه ، وكلما ربطوا دابة قطع الله رباطها ، وكلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ، حتى لقد ذكر لنا : أن سيد كل حي يقول : يا بني فلان ، هلم إلي حتى إذا اجتمعوا عنده قال : «النجاة النجاة ، أتيتم» ! لما بعث الله تعالى عليهم من الرعب .

                                                                                                                                                                                                                              قال البلاذري : ثم إن الله تعالى نصر المسلمين عليهم بالريح ، وكانت ريحا صفراء فملأت عيونهم ، فداخلهم الفشل والوهن وانهزم المشركون ، وانصرفوا إلى معسكرهم ، ودامت عليهم الريح ، وغشيتهم الملائكة تطمس أبصارهم ، فانصرفوا ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا [الأحزاب 25] .

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو الخطاب بن دحية : هذه الملائكة بعثها الله تعالى فنفثت في روعهم الرعب والفشل ، وفي قلوب المؤمنين القوة والأمل ، وقيل : إنما بعث الله الملائكة تزجر خيل العدو وإبلهم ، فقطعوا مدة ثلاثة أيام في يوم واحد . فارين منهزمين .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية