الأول : قال السهيلي : الحكمة في كون أبي طالب منتعلا بنعلين من نار أن أبا طالب كان مع النبي صلى الله عليه وسلم بجملته إلا أنه كان مثبتا لقدميه على ملة عبد المطلب حتى قال عند الموت : هو على ملة عبد المطلب فسلط العذاب على قدميه خاصة لتثبيته إياهما على ملة آبائه .
الثاني : قال الحافظ : الآية التي فيها نزلت بعد موت النهي عن الاستغفار أبي طالب بمدة وهي عامة في حقه وحق غيره ، ويوضح ذلك ما عند في كتاب التفسير بلفظ : فأنزل الله بعد ذلك . إلى آخره . البخاري
الثالث : إنما عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن يقول لا إله إلا الله . ولم يقل فيها : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الكلمتين صارتا كالكلمة الواحدة . ويحتمل أن يكون أبو طالب كان يتحقق أنه رسول الله ، ولكن كان لا يقر بتوحيد الله تعالى ولهذا قال في أبياته النونية : [ ص: 432 ]
ودعوتني وعلمت أنك صادق ولقد صدقت وكنت ثم أمينا
فاقتصر على أمره له بقول : لا إله إلا الله ، فإذا أقر بالتوحيد لم يتوقف عن الشهادة بالرسالة له .الرابع : من عجيب الاتفاق أن الذين أدركهم الإسلام من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وهم : أبو طالب واسمه عبد مناف ، وأبو لهب واسمه عبد العزى بخلاف من أسلم وهما حمزة رضي الله عنهما . والعباس
الخامس : زعم بعض غلاة الرافضة أن أبا طالب أسلم ، واستدل بأخبار واهية ردها الحافظ في الإصابة في القسم الرابع من الكنى .
السادس : قوله : . ظهر من حديث «لعله تنفعه شفاعتي» وقوع هذا الترجي واستشكل قوله : «تنفعه شفاعتي» بقوله تعالى : العباس فما تنفعهم شفاعة الشافعين [المدثر : 48] وأجيب بأنه خص ولذلك عدوه في . وقيل : معنى المنفعة في الآية يخالف معنى المنفعة في الحديث ، والمراد بها في الآية الإخراج من النار ، وفي الحديث المنفعة بالتخفيف وبهذا الجواب جزم القرطبي . خصائص النبي صلى الله عليه وسلم
وقال في البعث : صحت الرواية في شأن البيهقي أبي طالب فلا معنى للإنكار من حيث صحة الرواية .
ووجهه عندي أن إنما امتنعت لوجود الخبر الصادق في أنه لا يشفع فيهم أحد ، وهو عام في حق كل كافر ، فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه . الشفاعة في الكفار
قال : وحمله بعض أهل النظر على أن ، فيجوز أن يضع الله تعالى عن بعض الكفار بعض جزاء معاصيهم تطييبا لقلب الشافع لا ثوابا للكفر ، لأن إحسانه صار بموته على الكفر هباء . جزاء الكافر من العذاب يقع على كفره وعلى معاصيه
وقال في المفهم : اختلف في هذه القرطبي ، والأول يشكل بالآية ، وجوابه جواز التخصيص . والثاني أن يكون معناه أن الشفاعة هل هي بلسان قولي أو بلسان حالي أبا طالب لما بالغ في إكرام النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنه جوزي على ذلك بالتخفيف فأطلق على ذلك شفاعة لكونها بسببه .
ويجاب عنه أيضا : أن المخفف عنه لم يجد أمر التخفيف ، فكأنه لم ينتفع بذلك .
ويؤيد ذلك ما تقدم من أنه يعتقد أنه ليس في النار أشد عذابا منه ، وذلك أن القليل من عذاب جهنم لا تطيقه الجبال ، فالمعذب لاشتغاله بما هو فيه يصدق عليه أنه لم يحصل له انتفاع بالتخفيف .