الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثالث والعشرون : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في الأشربة ، وما يحل منها وما يحرم .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني والترمذي عن أبي المثنى الجهني قال : كنت عند مروان بن الحكم فدخل عليه أبو سعيد ، فقال له مروان : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النفخ في الشراب ، فقال رجل : القذاة أراها في الإناء ؟ قال أهرقها قال : فإني لا أروى من نفس واحد ؟ قال : فأبن القدح إذن عن فيك [ ص: 310 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع وهو نبيذ العسل ، وكان أهل اليمن يشربونه ، فقال : كل شراب أسكر فهو حرام .

                                                                                                                                                                                                                              البتع- بكسر الموحدة وسكون المثناة الفوقية- شراب يتخذ من العسل وفتحها لغة يمنية .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أبي موسى- رضي الله تعالى عنه- قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذا إلى اليمن فقال ادعوا الناس فقال أبو موسى : يا نبي الله إن أرضنا بها شراب من الشعير المزر ، وشراب من العسل : البتع . فقال : كل مسكر حرام ، فانطلقنا ، فقال معاذ لأبي موسى : كيف تقرأ القرآن ؟ قال : قائما وقاعدا وعلى راحلتي ، وأتفوقه تفوقا . قال : أما أنا فأنام وأقوم ، فأحتسب نومتي كما أحتسب راحلتي ، وأتفوقه تفوقا . قال : أما أنا فأنام وأقوم ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي ، وضرب فسطاطا فجعلا يتزاوران ، فزار معاذ أبا موسى ، فإذا رجل موثق فقال : ما هذا ؟ فقال : أبو موسى : يهودي أسلم ثم ارتد فقال معاذ : لأضربن عنقه .

                                                                                                                                                                                                                              (جوامع الكلم : أراد بجوامع الكلم الإيجاز والبلاغة ، فتكون ألفاظه قليلة ومعاني كلامه كثيرة ، وكذلك كانت ألفاظه صلى الله عليه وسلم ) .

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قدم من جيشان (وجيشان من اليمن ) سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أومسكر هو ؟ » قال : نعم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل مسكر حرام ، إن على الله- عز وجل- عهدا ، لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال» قالوا : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : «عرق أهل النار ، أو عصارة أهل النار» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن طلق بن علي- رضي الله تعالى عنه- أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فجاء عبد القيس فقال : ما لكم قد اصفرت ألوانكم وعظمت بطونكم ، وظهرت عروقكم قالوا : أتاك سيدنا ، فسألك عن شراب كان لنا موافقا ، فنهيته عنه وكنا بأرض وبيئة وخمة ، قال : فاشربوا ما بدا لكم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ومسلم والبيهقي عن طارق بن سويد- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله إن بأرضنا أعنابا نعتصرها ، فنشرب منها قال : لا فعاودته فقال لا ، فقلت إنا نستشفي بها للمريض ، فقال : إن ذاك ليس شفاء ولكنه داء [ ص: 311 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر أتتخذ خلا قال : لا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عنه أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا فقال : أهرقها ، قال : أفلا نجعلها خلا ؟ قال : لا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- قال جاء قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إنا ننبذ النبيذ ، فنشربه على غذائنا وعشائنا ، قال : اشربوا ، وكل مسكر حرام ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا نكسره بالماء ، فقال : «حرام قليل ما أسكر كثيره» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والنسائي عن عبد الله بن فيروز الديلمي عن أبيه- رضي الله تعالى عنه- قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إنا أصحاب أعناب وكرم ، وقد نزل تحريم الخمر ، فما نصنع بها قال : تتخذونه زبيبا قال فنصنع بالزبيب ماذا ؟ قال : تنفقونه على غذائكم وتشربونه على عشائكم ، وتنقعونه على عشائكم وتشربونه على غذائكم قال : قلت : يا رسول الله ، نحن من قد علمت ، ونحن نزول بين ظهراني من قد علمت فمن ولينا ، قال : الله ورسوله قال : قلت : حسبي يا رسول الله .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية