الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الحادي والعشرون : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في الأيمان والنذور .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد والنسائي عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه- قال : حلفت باللات والعزى فقال : أصحابي قد قلت هجرا ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : قل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، واتفل عن يسارك ثلاثا ، وتعوذ بالله من الشيطان ثم لا تعد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اقتطع حق مسلم بيمينه ، حرم الله عليه الجنة ، وأوجب له النار ، قالوا : وإن كان شيئا يسيرا ، قال : وإن كان قضيبا من أراك .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه قال : أعتم رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أهله (فوجد الصبية قد ناموا ) فأتاه أهله بطعام فحلف لا يأكل من أجل الصبية ، ثم بدا له فأكل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من حلف على يمين ، فرأى غيرها خيرا منها فليأتها ، وليكفر عن يمينه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عن أبي الأحوص الجشمي عن أبيه مالك بن نضلة- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، أرأيت ابن عم لي أتيته أسأله فلا يعطيني ولا يصلني ، ثم يحتاج [ ص: 305 ]

                                                                                                                                                                                                                              إلي فيأتيني ، فيسألني وقد حلفت أن لا أعطيه ، ولا أصله ؟ فأمرني أن آتي الذي هو خير ، وأكفر عن يميني .


                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود عن سويد بن حنظلة- رضي الله تعالى عنه- قال : خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له فتحرج الناس أن يحلفوا ، وحلفت إنه أخي فخلى عنه ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : أنت كنت أبرهم وأصدقهم ، صدقت ، المسلم أخو المسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البينة ، فلم تكن له بينة ، فاستحلف المطلوب فحلف بالله تعالى الذي لا إله إلا هو ما فعلت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد فعلت ، لكن الله تعالى قد غفر لك بإخلاص قول لا إله إلا الله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه ؟ فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ، ولا يستظل ولا يتكلم ، ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- قال : يا رسول الله ، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما أو قال : ليلة في المسجد الحرام قال : أوف بنذرك .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة عن عمر- رضي الله تعالى عنه- قال : نذرت نذرا في الجاهلية فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أسلمت فأمرني أن أفي بنذري .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان والإمام أحمد والنسائي عن عقبة بن عامر- رضي الله تعالى عنه- قال : نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية غير معتمرة ، فأمرتني أن أستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيته ، فقال : مر أختك فلتركب ، ولتختمر ولتصم ثلاثة أيام .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البغوي وضعفه والإسماعيلي وابن قانع وأبو نعيم عن بشير الثقفي- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني نذرت في الجاهلية نذرا أن لا آكل لحم الجزور ولا أشرب الخمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أما لحوم الإبل فكلها وأما الخمر فلا تشرب» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن أخت عقبة بن عامر- رضي الله تعالى عنه- نذرت أن تحج ماشية ، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم وقيل : إنها لا تطيق ذلك ، فقال : إن الله لغني عن مشي أختك ، فلتركب ولتهد بدنة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ابن عمرو- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر [ ص: 306 ]

                                                                                                                                                                                                                              وهو يخطب إلى أعرابي قائم في الشمس ، قال : ما شأنك ؟ قال : قد نذرت يا رسول الله أن لا أزال في الشمس حتى تفرغ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هذا بنذر ، إنما النذر فيما ابتغي به وجه الله- عز وجل- .


                                                                                                                                                                                                                              وروي عن ابن عمرو أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك رجلين مقرنين يمشيان إلى البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال القران ؟ قالا : يا رسول الله ، نذرنا بأن نمشي إلى البيت مقترنين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا نذرا ، فقطع قرانهما ، قال سريج في حديثه : إنما النذر ما ابتغي به وجه الله- عز وجل- .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي توفيت [ . . . . . ] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف ، قال : أوف بنذرك .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية