الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الخامس عشر : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في اللقطة واللقيط والهبة والهدية والوصية .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمامان مالك وأحمد وابن ماجه وأبو داود والشيخان ، عن زيد بن خالد الجهني- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة فقال : «اعرف وكاءها» ، أو قال : وعاها وعفاصها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها فأدها إليه قال : فضالة الإبل ؟ فغضب حتى احمرت وجنتاه أو قال : احمر وجهه ، فقال : ما لك ولها ، معها سقاؤها وحذاؤها ، ترد الماء ، وترعى الشجر ، فذرها حتى يلقاها ربها ، قال : فضالة الغنم ، قال : هي لك أو لأخيك أو للذئب ، وقيل : فضالة الإبل ؟ قال : ما لك ولها ، معها سقاؤها ، وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر ، حتى يلقاها ربها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة قال : «لا تحل اللقطة ، من التقط شيئا ، فليعرفه ، فإن جاء صاحبها فليردها إليه ، فإن لم يأت فليتصدق بها ، فإن جاء فليخيره بين الأجر وبين الذي له» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي وأبو داود عن المقداد بن عمرو أنه خرج ذات يوم لحاجة ، وكان الناس لا يذهب أحدهم في حاجة إلا لليومين والثلاثة [ . . . . . ] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن عياض بن حمار- رضي الله تعالى عنه- وكان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة قبل أن يبعث فلما بعث أهدى له هدية- أحسبها إبلا- فأبى أن يقبلها ، وقال : «إني لا أقبل زبد المشركين» ، قلت : وما زبد المشركين ؟ قال : «رفدهم هديتهم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن النعمان بن بشير- رضي الله تعالى عنهما- قال : إن أباه أتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما ، فقال : «أكل ولدك نحلت ومثله ؟ » قال : لا ، قال : «فأرجعه» وفي رواية : إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا قال : «ألك ولد سواه ؟ » قال : نعم ، قال فأراه ، قال : لا تشهدني على جور . [ ص: 286 ]

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية : لا أشهد على جور .


                                                                                                                                                                                                                              وروى عبد بن حميد والإمام أحمد والبخاري وأبو داود عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : قلت : يا رسول الله ، إن لي جارين فإلى أيهما أهدي ؟ قال : «إلى أقربهما منك بابا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم وأبو داود والبيهقي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أي الصدقة خير وأفضل وأعظم أجرا ؟ قال : «أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر ، وتأمل الغنى ، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم ، قلت : لفلان كذا أو لفلان كذا وقد كان لفلان» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتدري أي الصدقة أفضل ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : «المنيحة أن يمنح أحدكم أخاه الدرهم أو ظهر الدابة أو لبن الشاة أو لبن البقرة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه- قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني في عام حجة الوداع من وجع اشتد بي ، فقلت : يا رسول الله ، قد بلغ بي من الوجع ما ترى ، وأنا ذو مال ، ولا يرثني إلا ابنة لي ، أفأتصدق بمالي كله ؟ قال : لا ، قلت فثلثي مالي ؟ قال : لا ، قلت فالشطر يا رسول الله ؟ قال : لا ، قلت : فالثلث ؟ قال : «الثلث ، والثلث كثير ، إن صدقتك من مالك صدقة ، وإن نفقتك على عيالك صدقة وإنما تأكل امرأتك من مالك صدقة وإنك أن تدع أهلك بخير خير لك من أن تدعهم يتكففون الناس» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده- رضي الله تعالى عنهما- أن جده العاص بن وائل أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة ، فأعتق عنه ابنه هشام خمسين رقبة فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية فقال : حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن أبي أوصى بعتق مائة رقبة ، وإن هشاما أعتق عنه خمسين ، وبقيت عليه خمسون رقبة ، أفأعتق عنه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنه لو كان مسلما فأعتقتم عنه ، أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده- رضي الله تعالى عنهما- أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني فقير ، وليس لي شيء ولي يتيم ، قال فقال : «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية