الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في رده صلى الله عليه وسلم من لم يستأذن أبويه

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن أبي سعيد بن مالك الخدري -رضي الله تعالى عنهما- أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن ، فقال : هل لك أحد ممن باليمن فقال : أبواي ؟ فقال : أذنا لك ؟ قال : لا ، قال : ارجع إليهما ، فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد ، وإلا فبرهما .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والنسائي عن معاوية بن جاهمة السلمي أن جاهمة جاء إلى رسول [ ص: 107 ] الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أردت الغزو وجئتك أستشيرك ، فقال : هل لك من أم ؟ قال : نعم ، فقال : الزمها ، فإن الجنة تحت رجليها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد ، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم ، فقال : ففيهما فجاهد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنهما- قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أريد أن أبايعك على الجهاد ، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال الصحيح عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إذا كان الغزو على باب البيت فلا تذهب إلا بإذن أبويك» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الغزو إلى موضع ورى بغيره

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن كعب بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها ، حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا ، واستقبل غزو عدو كثير ، فجلى للمسلمين أمر هذه ، ليتأهبوا أهبة غزوهم ، وأخبرهم بوجه الذي يريده .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه ابن ماجه عنه بلفظ : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا ناحية ورى بغيرها .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في آدابه صلى الله عليه وسلم إذا لم يغز بنفسه

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قالا : مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ، ثم وجههم ، ثم قال : انطلقوا على اسم الله ، ثم قال : اللهم أعنهم ، يعني النفر الذين وجههم إلى كعب بن الأشرف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبيهقي عن سهل بن معاذ ، عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن [ ص: 108 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لأن أشيع غازيا ، فأكفه على رحله غدوة أو روحة أحب إلي من الدنيا وما فيها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال ثقات والطبراني عن جبلة بن حارثة -رضي الله عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يغز أعطى سلاحه عليا وأسامة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه ، قال : «اخرجوا بسم الله ، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله ، لا تغدروا لا تمثلوا ولا تغلوا ، ولا تقتلوا الولدان» . وفي لفظ : «وليدا ولا شيخا ولا أصحاب الصوامع» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار برجال ثقات عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية أمره عليها ، فأصبح قد اعتم بعمامة كرابيس سوداء ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نقضها فعمه ، فأرسل من خلفه أربع أصابع ، فقال : هكذا يا ابن عوف فاعتم ، فإنه أعرب وأحسن ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن يدفع إليه اللواء ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : اغزوا جميعا في سبيل الله ، فقاتلوا من كفر بالله ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا ، فهذا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منتشر فيكم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن حبان عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير الصحابة أربعة ، وخير السرايا أربعمائة ، وخير الجيوش أربعة آلاف ، ولن يغلب اثنا عشر من قلة .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية