تنبيهات :
الأول : عياض ، بكسر العين المهملة وتخفيف المثناة التحتية وبضاد معجمة ، ابن حمار - بكسر الحاء المهملة وتخفيف الميم- في رده صلى الله عليه وسلم هديته مع قبوله لهدية غيره من الكفار مخالفة ، قال الخطابي : يشبه أن يكون الحديث منسوخا؛ لأنه وأهدى له قبل هدية غير واحد من المشركين ، المقوقس مارية والبغلة ، وأهدى له البدر دومة فقبل منهما ، فقيل : إنما رد هديته؛ ليغيظه بردها ، فيحمله على الإسلام ، وقيل : ردها؛ لأن للمهدي موضعا من القلب ، وقد روي : ولا يجوز عليه -عليه الصلاة والسلام- أن يميل بقلبه إلى مشرك ، فردها قطعا لسبب الميل ، وليس ذلك مخالفا لقبوله هدية «تهادوا تحابوا» المقوقس والبدر ومارية ودومة ونحوهما؛ لأنهم أهل كتاب وليسوا بمشركين ، وقد أبيح له طعام أهل الكتاب ونكاحهم ، وذلك خلاف حكم أهل الشرك .
وقال يحتمل رد هديته التحريم ، ويحتمل قصد به التنزيه ، والأخبار في قبول هداياهم أصح وأكثر ، وقال الحافظ : جمع البيهقي : بين هذه الأحاديث بأن الامتناع فيما أهدي له خاصة ، والقبول فيما أهدي للمسلمين ، وفيه نظر؛ لأن جملة أدلة الجواز ما وقفت الهدية له خاصة . الطبري
وجمع غيره بأن الامتناع في حق من يريد بهديته ، والموالاة والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الإسلام ، وهذا أقوى من الأول . وقيل : يحمل القبول في حق من كان من أهل الكتاب ، والرد على من كان من أهل الأوثان ، وقيل : يمتنع ذلك لغيره من [ ص: 32 ] الأمراء ، وأن ذلك من خصائصه ، وادعى بعضهم نسخ المنع بأحاديث القبول ، ومنهم من عكس ، وهذه الأوجه الثلاثة ضعيفة ، فالنسخ لا يثبت بالاحتمال ولا التخصيص .