الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في صلاته- صلى الله عليه وسلم- على القبر .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ، والدارقطني- شطره- : أن أسود كان ينظف المسجد فمات فدفن ليلا ، فأتي النبي- صلى الله عليه وسلم- فأخبر فقال : «انطلقوا إلى قبره» ، فانطلق إلى قبره ، فقال : «إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة ، وإن الله- عز وجل- ينورها بصلاتي عليهم» ، فأتى القبر فصلى عليه ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله إن أخي مات ولم تصل عليه قال فأتى قبره ، فانطلق مع الأنصاري فصلى» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمامان : مالك ، والشافعي ، والنسائي ، وابن أبي شيبة عن أبي أمامة : سهل بن حنيف- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعود فقراء أهل المدينة ويشهد جنائزهم إذا ماتوا ، فاشتكت امرأة مسكينة فأخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بمرضها وطال سقمها ، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعود المساكين ويسأل عنهم ، فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسأل عنها ، وقال : «إن ماتت فلا تدفنوها حتى أصلي عليها» ، فتوفيت . فجاءوا بها إلى المدينة بعد العتمة فوجدوا رسول الله- قد نام ، فكرهوا أن يوقظوه ، فصلوا عليها ، ودفنوها ببقيع الغرقد ، فلما أصبح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جاءوا فسألهم عنها فقالوا : قد توفيت يا رسول الله قال : «ألم آمركم أن تؤذنوني بها ؟ » فقالوا يا رسول وجدناك نائما ، فكرهنا أن نوقظك ونخرجك ليلا ، فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى قبرها فصلى بهم على قبرها وكبر أربع تكبيرات» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان ، وابن حبان ، عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ففقدها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسأل عنها فقالوا : ماتت فقال : «أفلا آذنتموني ؟ » قال : فكأنهم صغروا أمرها ، فقال : «دلوني على قبرها» ، فدلوه فصلى على قبرها» . [ ص: 372 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسدد ، والحارث ، عن حميد بن هلال ، «رحمه الله تعالى» أن البراء بن معرور توفي قبل قدوم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة فلما قدم صلى على قبره وكبر عليه أربع تكبيرات .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن يزيد بن ثابت- زاد ابن ماجه ، وكان أكبر من زيد ثم اتفقوا- قال : خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر جديد ، فسأل عنه ، فقالوا : فلانة ، فعرفها ، فقال «ألا آذنتموني بها ؟ فإن صلاتي عليها رحمة» قالوا : كنت قائلا صائما ، فكرهنا أن نؤذيك ، فقال : «لا تفعلوا لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به» ثم أتى القبر فصفنا خلفه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني عن ابن عباس «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى على قبر بعد شهر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي مرسلا ، عن ابن المسيب ، رحمه الله تعالى «أن أم سعد- رضي الله تعالى عنها- ماتت والنبي- صلى الله عليه وسلم- غائب فلما قدم صلى عليها ، وقد مضى لذلك شهر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في «الأوسط» - قال الضياء المقدسي في «أحكامه» لا بأس بإسناده- عن أنس بن مالك- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله نهى أن يصلى على الجنازة بين القبور» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية