الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الحادي عشر في أنواع من ملابسه غير ما تقدم

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في لبسه الفروة .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن عساكر عن المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الفراء ، ويستحب أن يصلى على الفروة المدبوغة .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في لبسه صلى الله عليه وسلم الصوف والشعر .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطيالسي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : كانت الأنبياء عليهم السلام يركبون الحمر ، ويلبسون الصوف ، ويحتلبون الشاة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوف ، واحتذى المخصوف ولبس خشنا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطيالسي عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وله جبة صوف في الحياكة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عدي عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح في شملة من صوف يتعقدها هكذا ، وأشار يعني إلى قفاه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود وابن عساكر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم بردة سوداء فلبسها ، فلما عرق فيها وجد منها ريح الصوف ، فقذفها ، وأحسبه قال : وكان يعجبه الريح الطيبة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه برجال ثقات عن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فقلب جبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم وأبو داود والترمذي - وليس عنده مرحل - عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خر ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 310 ] وروى الشيخان عن أبي برزة رحمه الله تعالى قال : دخلت على عائشة ، فأخرجت إلينا كساء ملبدا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن الحسن قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة فصلى في مرط امرأة من نسائه ، مرط والله - يعني من صوف ، ولا كشف ولا لبس .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن أبي بردة قال : دخلت على عائشة ، فأخرجت إلينا كساء غليظا مما يصنع باليمن ، وكساء من هذه البلدة ، فأقسمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض فيها ، وتقدم حديث سهل بن سعد في جبته .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في لبسه صلى الله عليه وسلم النمرة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال الصحيح عن عبد الله بن سرجس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما وعليه نمرة ، فقال لرجل من أصحابه : «أعطني نمرتك ، وخذ نمرتي » فقال : يا رسول الله نمرتك أجود من نمرتي قال : «أجل ، ولكن فيها خيط أحمر ، فخشيت أن أنظر إليها ، فتفتنني في صلاتي » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال ثقات عن زمعة بن صالح ، وأبو نعيم ، وابن عساكر عن سهل بن سعد قال : حيكت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من أنمار من صوف أسود ، وجعل لها ذؤابتان من صوف أبيض ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المجلس وهي عليه ، فضرب على فخذه وقال : «ألا ترون ما أحسن هذه الحلة ! » فقال أعرابي : يا رسول الله ألبسني هذه الحلة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سئل شيئا لم يقل لشيء يسأله لا قال : «نعم » ، فدعا بقطريتين فلبسهما ، وأعطى الأعرابي الحلة ، وأمر بمثلها تحاك ، فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في الحياكة .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في لبسه صلى الله عليه وسلم البرنس .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني برجال ثقات عن عاصم بن كليب عن أبيه عن خاله قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدتهم يصلون في البرانس والأكسية ، وأيديهم فيها .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : في لبسه صلى الله عليه وسلم القطن والكتان .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني بسند حسن عن ابن عباس قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب قطن ، وفي يده عنزة وهو متكئ على أسامة بن زيد ، ركزها بين يديه ثم صلى إليها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار برجال الصحيح عن أنس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه متوكئا على أسامة بن زيد ، مرتديا ثوب قطن ، فصلى بالناس .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 311 ] وروى البخاري عن ابن سيرين قال : حدثني من لا أتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس القطن ، والكتان ، واليمانية زاد أبو الشيخ : وسنة نبينا أحق أن تتبع .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : في لبسه صلى الله عليه وسلم الثوب المرقع .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي شيبة في المصنف عن الحسن قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يواسي الناس بنفسه ، حتى جعل يرقع إزاره بالأدم ، وما جمع بين غداء وعشاء ثلاثة أيام حتى قبضه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : في لبسه صلى الله عليه وسلم الحبرة .

                                                                                                                                                                                                                              روى البزار عن قدامة الكلابي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة ، وعليه حلة حبرة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال الصحيح عن الحسن أن عمر أراد أن ينهى عن حلل الحبرة لأنه تصبغ بالبول ، فقال أبي : ليس ذلك لك ، قد لبسهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولبسناهن في عهده .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية