الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : قال الإمام النووي ، والطبري ، والطيبي ، وأبو الحسن بن الضحاك رحمهم الله تعالى : إن سورا لفظة فارسية ، وقد تظاهرت أحاديث صحيحة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بألفاظ فارسية ، وهو يدل على جوازه ، قال الطبري : السور بغير همز الصنيع من الطعام الذي يدعى [ ص: 134 ] إليه ، وقيل الطعام مطلقا ، وهو بالفارسية ، وقيل بالحبشية ، وبالهمز بقية الشرب ، والأول : هو المراد هنا .

                                                                                                                                                                                                                              قال الإسماعيلي : السور كلمة بالفارسية والعربية ، فقيل له : أليس هو الفضلة ؟ فإن لم يكن هناك شيء فضل ذلك منه إنما هو بالفارسية من أتى دعوة .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : قال الحافظ رحمه الله تعالى : أشار البخاري رحمه الله تعالى إلى ضعف ما ورد من الأحاديث في كراهة الكلام بالفارسية كحديث : «كلام أهل النار بالفارسية» ، وكحديث : «من تكلم بالفارسية زادت ، أو نقصت مروءته» رواه الحاكم في مستدركه ، وروى عنه أيضا عن عمر مرفوعا : «من أحسن العربية فلا يتكلم بالفارسية» وسنده واه .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : نازع الكرماني رحمه الله تعالى في كون هذه الألفاظ الثلاثة عجمية؛ لأن الأول يجوز أن يكون من توافق اللغتين ، والثاني يجوز أن يكون أصله حسنة ، فحذف أوله إيجازا ، والثالث من أسماء الأصوات .

                                                                                                                                                                                                                              وأجاب ابن المنير عن الآخر فقال : وجه مناسبته أنه صلى الله عليه وسلم خاطبه بما يفهمه مما لا يتكلم به الرجل مع الرجل ، فهو كمخاطبة الأعجمي بما لا يفهم مما لا يكلمه من لقيه ، قال الحافظ : وبهذا يجاب عن الباقي ، ويزاد بأن تجويز حذف أول جزء من كلمة لا يعرف .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : قوله لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه : «أشكنب درد» قال الشمني في حاشيته الشفا : بفتح الهمزة ، وسكون المعجمة ، وفتح الكاف بعدها نون ساكنة ، فموحدة ، كذلك ، فدالين مهملتين ، أولاهما مفتوحة وبينهما راء : وأشكنب معناه بالفارسية البطن ودرد الوجع ، لم يتعرض ابن الملقن ، ولا شيخنا الجلال الأسيوطي في تعليقهما على سنن ابن ماجه بصحة ذلك ، ولا ذكر له في النهاية لابن الأثير .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : قال أبو الفرج بن الجوزي في الجامع : حديث أبي هريرة -أي الأخير- قد روي من طريق لا يعرف ، مدارها على ليث بن أبي سليم ، وكان قد اختلط في آخر عمره .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن الأصبهاني : ليس له ، بل أبو هريرة لم يكن فارسيا ، وإنما مجاهد فارسي ، فعلى هذا يكون المتكلم بالفارسية أبو هريرة مع مجاهد ، وقوله أشكنب درد فارسية ، ومعناها أشتكيت بطنك ؟ انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              قلت : فيما قاله نظر؛ لأن في قوله : إن أبا هريرة لم يكن فارسيا ، ثم قال : فعلى هذا يكون المتكلم بالفارسية أبا هريرة مع مجاهد تناقض ، فليتأمل .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : في بيان غريب ما سبق :

                                                                                                                                                                                                                              الفارسية : بفاء ، فألف ، فراء ، فسين مهملة مكسورة ، فتحتية مفتوحة : لغة منسوبة إلى [ ص: 135 ] فارس ، وهم جيل من الناس معروف .

                                                                                                                                                                                                                              الرطانة : براء بفتح وبكسر ، فطاء مهملة ، فألف ، فنون ، فتاء تأنيث : كلام لا يفهمه الجمهور ، إنما هو ملصق بين اثنين ، أو جماعة ، والعرب تحقق به كلام العجم .

                                                                                                                                                                                                                              سورا : بسين مهملة مضمومة ، فواو ، فألف : طعاما ، لفظة فارسية .

                                                                                                                                                                                                                              زبرني : بزاي ، فموحدة ، فراء مفتوحات ، فنون ، فتحتية ، انتهرني ، وأغلظ لي في القول .

                                                                                                                                                                                                                              أبلي وأخلقي .

                                                                                                                                                                                                                              كخ كخ : بفتح الكاف وكسرها ، وسكون المعجمة ، مثقلا ، ومخففا ، وبكسرها منونة ، وغير منونة ، فيخرج من ذلك ست لغات ، والثاني ، وهي كلمة تقال لردع الصبي عند تناوله ما يستقذر ، وقيل : عربية ، وقيل : أعجمية ، وزعم بعضهم أنها معربة ، أوردها البخاري في باب من تكلم بالفارسية . [ ص: 136 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية