تنبيهات :
الأول : تقدم في أسمائه صلى الله عليه وسلم أن منها الضحوك .
روى ابن الفارس عن رضي الله تعالى عنهما قال : اسمه في التوراة أحمد الضحوك ، قال ابن عباس ابن الفارس : وإنما سمي الضحوك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان طيب النفس فكها ، على كثرة من ينتابه ويفد عليه من جفاة العرب ، وأجلاف أهل البوادي ، لا يراه أحد ذا ضجر ، ولا قلق ، ولا جفاء ، ولكن لطيفا في المنطق ، رفيقا في المساءلات .
الثاني : وروى أبو الحسن بن الضحاك عن ابن مسعود ، وأبو الحسن بن الضحاك عن . . . قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذه ، وفي لفظ : إذا جرى به الضحك وضع يده على فيه .
وروى عن ابن عدي رضي الله تعالى عنه قال : علي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبسم وضع يده على فيه ، ويقول : «سمعت جبريل عليه السلام يقول : ما ضحكت منذ خلقت جهنم» ، قال : فما رأيت نواجذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك بعد ذلك ، حتى قبضه الله عز وجل .
وروى أيضا عن أبي برزة رضي الله تعالى عنه قال : أكثر ما كان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تبدو رباعيته أو ترى .
الثالث : قال أبو الحسن بن الضحاك رحمه الله تعالى : صحت الأخبار وتظاهرت بضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير موطن ، حتى تبدو نواجذه ، وثبت كان لا يضحك إلا تبسما ، ويمكن الجمع بينهما بأن يقال : إن التبسم كان الأغلب عليه ، فيمكن أن يكون الناقل عنه أنه كان لا يضحك إلا متبسما لم يشاهد من النبي صلى الله عليه وسلم غير ما أخبر عنه ، ويكون من روي أنه ضحك حتى بدت نواجذه قد شاهد ذلك في وقت ما ، فنقل ما شاهد ، فلا اختلاف بينهما؛ لاختلاف المواطن والأوقات . عنه صلى الله عليه وسلم أنه
ويمكن أن يكون في ابتداء أمره كان يضحك حتى تبدو نواجذه في الأوقات النادرة ، وكان آخر أمره لا يضحك إلا متبسما ، وقد وردت عنه صلى الله عليه وسلم أحاديث تدل على ذلك .
ويمكن أن يكون من روى عنه أنه كان لا يضحك إلا متبسما شاهد ضحكه ، حتى بدت نواجذه نادرا ، فأخبر عن الأكثر ، وغلبه على القليل النادر .
على أن أهل اللغة قد اختلفوا في النواجذ ما هي ؟ فقال جماعة : إن النواجذ أقصى الأضراس من الفم موضعا ، فعلى هذا تتحقق المعارضة ، ويمكن الجمع بين الأحاديث بما قلناه .
ومنهم من قال : النواجذ : هي الأنياب . وقال آخرون : هي الضواحك ، فعلى هذا لا يكون في ظاهر الأخبار معارضة؛ لأن المتبسم يلزمه ذلك .
قال في النهاية : النواجذ بكسر الجيم ، وبالذال المعجمة ، وهي من الأسنان الضواحك ، وهي التي تبدو عند الضحك ، والأكثر الأشهر أنها أقصى الأسنان ، والمراد الأول؛ لأنه ما كان يبلغ به الضحك حتى تبدو أضراسه ، كيف وتقدم أن جل [ ص: 125 ] ضحكه التبسم ؟ وإن أريد به الأواخر فالوجه فيه أن يراد به مبالغة مثله في ضحكه ، من غير أن يراد ظهور نواجذه في الضحك ، وهو أقيس القولين؛ لاشتهار النواجذ بأواخر الأسنان .