روى عن ابن إسحاق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم ، ومحمد بن عمر عن ابن سعد قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خالد بن الوليد- مكة- داعيا ولم يبعثه مقاتلا ، وبعث معه ثلاثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار [ومعه قبائل من العرب] سليم بن منصور ، ومدلج بن مرة فوطئوا بني جذيمة [بن عامر بن عبد مناة بن كنانة] فلما رآه القوم أخذوا السلاح فقال ما أنتم ؟ قالوا : مسلمون قد صلينا وصدقنا وبنينا المساجد في ساحاتنا وأذنا فيها . قال : فما بال السلاح عليكم ؟ قالوا : «إن بيننا وبين قوم من خالد : العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا السلاح» . فقال ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا . فقال رجل من خالد : بني جذيمة يقال له جحدم : «ويلكم يا بني جذيمة إنه والله ما بعد وضع السلاح إلا الإسار وما بعد الإسار إلا ضرب الأعناق ، والله لا أضع سلاحي أبدا» فأخذه رجال من قومه فقالوا : «يا خالد ، جحدم أتريد أن تسفك دماءنا إن الناس قد أسلموا ووضعت الحرب أوزارها وأمن الناس» فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه ووضع القوم السلاح لقول خالد .
وروى الإمام أحمد ، والبخاري عن والنسائي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ابن عمر خالدا إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا فجعل يقتل منهم ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره حتى إذا كان يوم «أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره» . قال خالد «فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره» . قال ابن عمر : أبو جعفر محمد بن علي رضي الله عنهم : فلما وضعوا السلاح أمرهم عند ذلك فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم . وعند خالد ابن سعد أنهم لما وضعوا السلاح قال لهم : استأسروا فاستأسر القوم فأمر بعضهم فكتف بعضا وفرقهم في أصحابه . فلما كان السحر نادى من كان معه أسير فليدافه والمدافة الإجهاز عليه بالسيف . فأما خالد : بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم . وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم .
قال ابن هشام : حدثني بعض أهل العلم أنه حدث عن إبراهيم بن جعفر المحمودي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رأيت كأني لقمت لقمة من حيس فالتذذت طعمها فاعترض في حلقي منها شيء حين ابتلعتها فأدخل علي يده فنزعه» .
فقال رضي الله عنه . [ ص: 201 ] أبو بكر الصديق
يا رسول الله هذه سرية من سراياك تبعثها فيأتيك منها بعض ما تحب ويكون في بعضها اعتراض فتبعث عليا فيسهله .
قال : ولما ابن إسحاق أبي جحدم ما صنع قال : يا خالد بني جذيمة ضاع الضرب قد كنت حذرتكم ما وقعتم فيه .
قال وحدثني أهل العلم أنه انفلت رجل من القوم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هل أنكر عليه أحد ؟ » قال : نعم قد أنكر عليه رجل أبيض ربعة فنهمه فسكت عنه ، وأنكر عليه رجل آخر طويل مضطرب فراعه فاشتدت مراجعتهما . فقال خالد يا رسول الله : أما الأول فابني عمر بن الخطاب : عبد الله وأما الآخر فسالم مولى أبي حذيفة .
قال في حديثه السابق : عبد الله بن عمر خالد» . مرتين رواه الإمام «فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرنا ذلك له فرفع يديه وقال : «اللهم إني أبرأ إليك مما يصنع أحمد والبخاري والنسائي .
قال أبو جعفر محمد بن علي رضي الله عنهم : رضوان الله عليه فقال : «يا علي بن أبي طالب اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك» . فخرج علي حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فودى لهم الدماء وما أصيب لهم من الأموال حتى إنه لودى لهم ميلغة الكلب ، حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال ، فقال لهم علي حين فرغ منهم : «هل بقي لكم مال لم يؤد إليكم ؟ » قالوا : لا . قال : فإني أعطيكم من هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يعلم ومما لا تعلمون» . ففعل ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال : «أصبت وأحسنت» . ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة شاهرا يديه حتى إنه ليرى ما تحت منكبيه يقول : «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع علي . ثلاث مرات . خالد بن الوليد» فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى عن ابن إسحاق ابن أبي حدرد الأسلمي ، وابن سعد عن عبد الله بن عصام [المزني] عن أبيه ، عن والنسائي رضي الله عنهم قال ابن عباس ابن أبي حدرد : كنت يومئذ في خيل وقال خالد بن الوليد . عصام : لحقنا رجلا فقلنا له : كافر أو مسلم ؟ فقال : إن كنت كافرا فمه ؟ قلنا له : إن كنت كافرا قتلناك . قال : دعوني أقضي إلى النسوان حاجة . وقال فقال إني لست منهم إني عشقت امرأة فلحقتها فدعوني انظر إليها نظرة ثم اصنعوا بي ما بدا لكم . وقال ابن عباس : ابن أبي حدرد : فقال فتى من بني جذيمة- وهو في سني وقد جمعت يداه إلى عنقه برمة ونسوة مجتمعات غير بعيد منه- يا فتى . فقلت ما تشاء ؟ قال : هل أنت آخذ بهذه الرمة فقائدي إلى هؤلاء النسوة حتى أقضي إليهن حاجة ، ثم تردني بعد فتصنعوا بي ما بدا لكم ؟ [ ص: 202 ] قال : قلت : والله ليسير ما طلبت . فأخذت برمته فقدته بها حتى أوقفته عليهن . قال عصام : فدنا إلى امرأة منهن . وقال : [سفيان] فإذا امرأة كثيرة النحض- يعني اللحم- . وقال فإذا امرأة طويلة أدماء فقال : اسلمي حبيش على نفد من العيش ابن عباس :
أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم بحلية أو ألفيتكم بالخوانق ألم يك أهلا أن ينول عاشق
تكلف إدلاج السرى والودائق فلا ذنب لي قد قلت إذ أهلنا معا
أثيبي بود قبل إحدى الصفائق أثيبي بود أن يشحط النوى
وينأى لأمر بالحبيب المفارق
فإني لا ضيعت سر أمانة ولا راق عيني عنك بعدك رائق
سوى أن ما نال العشيرة شاغل عن الود إلا أن يكون التوامق
قال ابن هشام : وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر البيتين الأخيرين منها له . انتهى . ولفظ حديث أما كان حقا أن ينول عاشق ، أو أدركتكم بالخوانق . فقالت : نعم وأنت فحيت سبعا وعشرا وترا وثمانيا تترى . قال ابن عباس : ابن أبي حدرد : ثم انصرفت به فضربت عنقه . وقال عصام : فقربناه فضربنا عنقه ، فقامت المرأة إليه حين ضربت عنقه فأكبت عليه فما زالت تقبله حتى ماتت عليه .
فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره الخبر فقال : «أما كان فيكم رجل رحيم» ابن عباس : . وقال