الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              قصة أخرى :

                                                                                                                                                                                                                              روى محمد بن عمر ، وأبو نعيم ، وابن عساكر عن عرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال : كنت ألزم باب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحضر والسفر ، فرأيتنا ليلة ونحن بتبوك وذهبنا لحاجة فرجعنا إلى منزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تعشى ومن معه من أضيافه ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يدخل قبته - ومعه زوجته أم سلمة - فلما طلعت عليه قال : أين كنت منذ الليلة ؟ فأخبرته ، فطلع جعال بن سراقة وعبد الله بن مغفل المزني فكنا ثلاثة كلنا جائع إنما نغشى باب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت فطلب شيئا نأكله فلم يجده ، فخرج إلينا فنادى : "يا بلال هل من عشاء لهؤلاء النفر ؟ " فقال : والذي بعثك بالحق لقد نفضنا جربنا وحمتنا ، قال : "انظر عسى أن تجد شيئا" ، فأخذ الجرب ينفضها جرابا جرابا ، فتقع التمرة والتمرتان حتى رأيت في يده سبع تمرات ، ثم دعا بصحفة فوضع التمر فيها ، ثم وضع يده على التمرات ، وسمى الله - تعالى - فقال : "كلوا باسم الله" فأكلنا ، فحصيت أربعا وخمسين تمرة ، أعدها عدا ونواها في يدي الأخرى ، وصاحباي يصنعان مثل ما أصنع ، وشبعنا ، فأكل كل واحد منا خمسين تمرة ، ورفعنا أيدينا فإذا التمرات السبع كما هي . فقال : "يا بلال ارفعها فإنه لا يأكل منها أحد إلا نهل شبعا" فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الصبح [ ص: 455 ] ثم انصرف إلى فناء قبته فجلس وجلسنا حوله ، فقرأ من "المؤمنون" عشرا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هل لكم في الغداء ؟ " قال عرباض : فجعلت أقول في نفسي أي غداء ، فدعا بلالا بالتمرات ، فوضع يده عليهن في الصحفة ، ثم قال : "كلوا بسم الله فأكلنا - فو الذي بعثه بالحق - حتى شبعنا وإنا لعشرة ، ثم رفعوا أيديهم منها شبعا وإذا التمرات كما هي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لولا أني أستحي من ربي لأكلنا من هذا التمر حتى نرد المدينة عن آخرنا" ، وطلع عليهم غلام من أهل البدو فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التمرات فدفعها إليه فولى الغلام يلوكهن .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية