الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر قسمته - صلى الله عليه وسلم - أموال هوازن بعد أن رد عليهم سبيهم

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن إسحاق في رواية يونس عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من رد سبايا هوازن ، ركب بعيره وتبعه الناس يقولون : يا رسول الله ، اقسم علينا فيئنا حتى اضطروه إلى شجرة فانتزعت رداءه ، فقال : "يا أيها الناس ، ردوا علي ردائي ، فو الذي نفسي بيده لو كان لكم عندي عدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ثم ما ألقيتموني بخيلا ولا كذابا" ، ثم قام رسول الله - إلى جنب بعيره ، فأخذ من سنامه وبرة فجعلها بين إصبعيه فقال : "أيها الناس والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فأدوا الخياط والمخيط وإياكم والغلول فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة" فجاء رجل من الأنصار بكبة خيط من خيوط شعر ، فقال : يا رسول الله ، أخذت هذه الوبرة لأخيط بها برذعة بعير لي دبر ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أما حقي منها فهو لك" فقال الرجل : أما إذ بلغ الأمر فيها هذا فلا حاجة لي بها ، فرمى بها من يده .

                                                                                                                                                                                                                              وروى عبد الرزاق في جامعه عن زيد بن أسلم عن أبيه : أن عقيل بن أبي طالب - رضي الله عنه - دخل يوم حنين على امرأته فاطمة بنت شيبة وسيفه ملطخ دما ، فقال : دونك هذه الإبرة تخيطين بها ثيابك فدفعها إليها ، فسمع منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أخذ شيئا فليرده حتى الخياط والمخيط ، فرجع عقيل وقال : ما أجد إبرتك إلا ذهبت منك ، فأخذها فألقاها في المغنم .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين إلى جنب بعير من المغانم فلما سلم تناول وبرة بين أنملتين وفي رواية فجعلها بين إصبعيه ثم قال : "أيها الناس ، إن هذه من مغانمكم ، وليس لي فيها إلا نصيبي معكم ، الخمس ، والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط ، وأكثر من ذلك وأصغر ، ولا تغلوا فإنه عار ونار وشنار على أهله في الدنيا والآخرة رواه الإمام أحمد وابن ماجة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى عبد الرزاق والبخاري عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أنه بينما هو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه الناس مقفلة من حنين علقت الأعراب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه ، حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه ، فوقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : "أعطوني ردائي فلو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته عليكم ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا " . [ ص: 396 ]

                                                                                                                                                                                                                              وعن أنس قال : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة ثم قال : مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يضحك ، ثم أمر له بعطاء ورداء .

                                                                                                                                                                                                                              قالوا : وجمعت الغنائم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه أبو سفيان بن حرب وقال : يا رسول الله أصبحت أكثر قريش مالا ، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية