الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر إسلام العبد الأسود وما وقع في ذلك من الآيات

                                                                                                                                                                                                                              روى البيهقي عن جابر بن عبد الله ، والبيهقي عن أنس - رضي الله عنهم - والبيهقي عن عروة ، وعن موسى بن عقبة : أن عبدا حبشيا لرجل من أهل خيبر كان يرعى غنما لهم ، لما رآهم قد أخذوا السلاح واستعدوا لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألهم : ما تريدون ؟ قالوا : نقاتل هذا الرجل ، الذي يزعم أنه نبي . فوقع في نفسه ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج بغنمه ليرعاها ، فأخذه المسلمون ، فجاءوا به لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي لفظ ابن عقبة : أنه عمد بغنمه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يكلمه ،

                                                                                                                                                                                                                              فقال الرجل : ماذا تقول ، وماذا تدعو إليه ؟ قال : «أدعوك إلى الإسلام وأن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وأن لا تعبد إلا الله» . قال العبد : وماذا يكون لي إن شهدت بذلك ، وآمنت بالله تعالى ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لك الجنة إن آمنت على ذلك» فأسلم العبد ، وقال : يا رسول الله إني رجل أسود اللون قبيح الوجه ، منتن الريح ، لا مال لي ، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل ، أدخل الجنة ؟ قال :

                                                                                                                                                                                                                              «نعم» . قال : يا رسول الله إن هذه الغنم عندي أمانة فكيف بها ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أخرجها من العسكر ، وارمها بالحصباء فإن الله - عز وجل - سيؤدي عنك أمانتك» ففعل ، وأعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمته ، فخرجت الغنم تشتد مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت كل شاة إلى أهلها ، فعرف اليهودي أن غلامه قد أسلم ، ثم تقدم العبد الأسود إلى الصف ، فقاتل فأصابه سهم فقتله ، ولم يصل لله - تعالى - سجدة قط ، فاحتمله المسلمون إلى عسكرهم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أدخلوه الفسطاط» ، وفي لفظ «الخباء» فأدخلوه خباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليه ، ثم خرج فقال «لقد حسن إسلام صاحبكم ، لقد دخلت عليه ، وإن عنده لزوجتين له من الحور العين»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وفي حديث أنس : فأتى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مقتول ، فقال : «لقد حسن الله وجهك ، وطيب ريحك ، وكثر مالك ، لقد رأيت زوجتيه من الحور العين ينزعان جبته يدخلان فيما بين جلده وجبته» . [ ص: 130 ]

                                                                                                                                                                                                                              وعند ابن إسحاق «ينفضان التراب عن وجهه ، ويقولان : «ترب الله وجه من تربك وقتل من قتلك» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية