الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر انتقاله - صلى الله عليه وسلم - إلى محاصرة حصون الشق وفتحها

                                                                                                                                                                                                                              روى البيهقي عن محمد بن عمر - رحمه الله - عن شيوخه - رحمهم الله - قالوا : لما تحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشق وبه حصون ذوات عدد ، فكان أول حصن بدأ به حصن أبي ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قلعة يقال لها سموان فقاتل عليها أهل الحصن ، قتالا شديدا ، وخرج رجل من يهود يقال له غزول ، فدعا إلى البراز ، فبرز له الحباب بن المنذر ، فاقتتلا فاختلفا ضربات ، ثم حمل عليه الحباب ، فقطع يده اليمنى من نصف الذراع ، فوقع السيف من يد غزول ، فبادر راجعا منهزما إلى الحصن ، فتبعه الحباب ، فقطع عرقوبه ، فوقع فذفف عليه ، فخرج آخر ، فصاح : من يبارز ؟ فبرز له رجل من المسلمين من آل جحش ، فقتل الجحشي ، وقام مكانه يدعو إلى البراز ، فبرز له أبو دجانة ، وقد عصب رأسه بعصابته الحمراء ، فوق المغفر ، يختال في مشيته ، فبدره أبو دجانة - رضي الله عنه - فضربه فقطع رجله ثم ذفف عليه ، وأخذ سلبه ، درعه وسيفه ، فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنفله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وأحجم اليهود عن البراز ، فكبر المسلمون ، ثم تحاملوا على الحصن فدخلوه ، يقدمهم أبو دجانة ، فوجدوا فيه أثاثا ومتاعا وغنما وطعاما ، وهرب من كان فيه من المقاتلة ، وتقحموا الجدر كأنهم الظباء حتى صاروا إلى حصن النزال بالشق ، وجعل يأتي من بقي من فل النطاة إلى حصن النزال ، فغلقوه ، وامتنعوا فيه أشد الامتناع ، وزحف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم في أصحابه ، فقاتلهم ، فكانوا أشد أهل الشق رميا للمسلمين بالنبل والحجارة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم حتى أصابت النبل ثياب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلقت به ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النبل فجمعها ، ثم أخذ لهم كفا من حصى فحصب به حصنهم ، فرجف الحصن بهم ، ثم ساخ في الأرض ، حتى جاء المسلمون فأخذوا أهله أخذا . [ ص: 124 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية