اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ وَاعْلَمْ فَإِنَّ الْمَرْءَ غَيْرُ مُخَلَّدِ وَإِذَا أَتَتْكَ مُصِيبَةٌ تَشْجَى لَهَا
فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ
تَذَكَّرْتُ لمَّا فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا فَعَزَّيْتُ نَفْسِي بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ
وَقُلْتُ لَهَا إِنَّ الْمَنَايَا سَبِيلُنَا فَمَنْ لَمْ يَمُتْ فِي يَوْمِهِ مَاتَ فِي غَدِ
أَلَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنْتَ رَجَاءَنَا وَكُنْتَ بِنَا بَرًّا وَلَمْ تَكْ جَافِيَا
وَكُنْتَ رَحِيمًا هَادِيًا وَمُعَلِّمًا لِيَبْكِ عَلَيْكَ الْيَوْمَ مَنْ كَانَ بَاكِيَا
لَعَمْرُكَ مَا أَبْكِي النَّبِيَّ لِفَقْدِهِ وَلَكِنْ لِمَا أَخْشَى مِنَ الْهَجْرِ آتِيَا
كَانَ عَلَى قَلْبِي لِذِكْرِ مُحَمَّدٍ وَمَا خِفْتُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ الْمَكَاوِيَا
أَفَاطِمُ صَلَّى اللَّهُ رَبِّي يَحْمَدُهُ عَلَى جَدَثٍ أَضْحَى بِشَرْبٍ ثَاوِيَا
فِدًا لِرَسُولِ اللَّهِ أُمِّي وَخَالَتِي وَعَمِّي وَخَالِي ثُمَّ نَفْسِي وَمَالِيَا
وَلَوْ أَنَّ رَبَّ النَّاسِ أَبْقَى نَبِيَّنَا سَعِدْنَا وَلَكِنْ أَمْرَهُ كَانَ مَاضِيَا
عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ السَّلَامُ تَحِيَّةً وَأُدْخِلْتَ جَنَّاتٍ مِنَ الْعَدْنِ رَاضِيَا
أَرَى حَسَنًا أَيْتَمْتَهُ وَتَرَكْتَهُ * سَيَبْكِي وَيَدْعُو جَدَّهُ الْيَوْمَ نَائِيَا
أَرِقْتُ فَبِتُّ لَيْلِي لَا يَزُولُ وَلَيْلُ أَخِي الْمُصِيبَةِ فِيهِ طُولُ
وَأَسْعَدَنِي الْبُكَاءُ وَذَاكَ فِيمَا أُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ قَلِيلُ
لَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُنَا وَجَلَّتْ عِيشَةٌ قِيلَ قَدْ قُبِضَ الرَّسُولُ
وَأَضْحَتْ أَرْضُنَا مِمَّا عَرَاهَا تَكَادُ بِنَا جَوَانِبُهَا تَمِيلُ
فَقَدْنَا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ فِينَا يَرُوحُ بِهِ وَيَغْدُو جِبْرَئِيلُ
وَذَاكَ أَحَقُّ مَا سَالَتْ عَلَيْهِ نُفُوسُ النَّاسِ أَوْ كَادَتْ تَسِيلُ
نَبِيٌّ كَانَ يَجْلُو الشَّكَّ عَنَّا بِمَا يُوحَى إِلَيْهِ وَمَا يَقُولُ
وَيَهْدِينَا فَلَا نَخْشَى ضَلَالًا عَلَيْنَا وَالرَّسُولُ لَنَا دَلِيلُ
أَفَاطِمُ إِنْ جَزِعْتَ فَذَاكَ عُذْرٌ وَأَنْ لَمْ تَجْزَعِي ذَاكَ سَبِيلُ
فَقَبْرُ أَبِيكِ سَيِّدُ كُلِّ قَبْرٍ وَفِيهِ سَيِّدُ النَّاسِ الرَّسُولُ
بِطَيْبَةَ رَسْمٌ لِلرَّسُولِ وَمَعْهَدُ يَبِينُ وَقَدْ تَعْفُو الرُّسُومُ وَتَمْهَدُ
وَلَا تَنْمَحِي الْآيَاتُ مِنْ ذَاكَ حُرْمَةً بِهَا مِنْبَرُ الْهَادِي الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ
وَأَوْضَحُ آيَاتٍ وَبَاقِي مَعَالِمٍ وَرُبْعٌ لَهُ فِيهِ مُصَلَّى وَمَسْجِدُ
بِهَا حُجُرَاتٌ كَانَ يَنْزِلُ وَسْطَهَا مِنَ اللَّهِ نُورٌ يُسْتَضَاءُ وَيُوقَدُ
مَعَارِفُ لَمْ تُطْمَسْ عَلَى الْعَهْدِ آيُهَا آنَاءَ التَّلَا فَالْآيُ مِنْهَا تَجَدُّدُ
عُرِفَتْ بِهَا رَسْمُ الرَّسُولِ وَعَهْدُهُ وَقَبْرٌ بِهَا وَارَاهُ فِي التَّرْبِ مُلْحَدُ
فَبُورِكْتَ يَا قَبْرَ الرَّسُولِ وَبُورِكَتْ بِلَادُ ثَرَى فِيهَا الرَّشِيدُ الْمُسَدَّدُ
وَضُمِّنَ لَحْدٌ مِنْكَ ضُمِّنَ طَيِّبًا عَلَيْهِ بِتَاءٍ مِنْ صَفِيحٍ مُنَضَّدُ
تُهِيلُ عَلَيْهِ التِّرْبَ أَيْدٍ وَأَعْيُنٌ تَبَاكَتْ وَقَدْ عَادَتْ بِذَلِكَ أَسْعَدُ
لَقَدْ تَغَيَّبُوا حِلْمًا وَعِلْمًا وَرَحْمَةً عَشِيَّةَ عَالُوهُ الثَّرَى لَا يُوَسَدُ
وَرَاحُوا بِحُزْنٍ لَيْسَ فِيهِمْ نَبِيُّهُمْ وَقَدْ وَهَنَتْ مِنْهُمْ ظُهُورٌ وَأَعْضُدُ
يُبْكُونَ مَنْ تَبْكِي السَّمَوَاتُ مَوْتَهُ وَمَنْ قَدْ بَكَتْهُ الْأَرْضُ فَالنَّاسُ آكَدُ
وَقَدْ عَدَلَتْ رَزِيَّةَ مَالِكٍ زَرِيَّةُ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ مُحَمَّدُ
كُنْتَ السَّوَادَ لِنَاظِرِي يَعْمَى عَلَيْكَ النَّاظِرُ
مَنْ شَاءَ بَعْدَكَ فَلْيَمُتْ فِعْلَيْكَ كُنْتُ أُحَاذِرُ
اصبر لكل مصيبة وتجلد واعلم فإن المرء غير مخلد وإذا أتتك مصيبة تشجى لها
فاذكر مصابك بالنبي محمد
تذكرت لما فرق الدهر بيننا فعزيت نفسي بالنبي محمد
وقلت لها إن المنايا سبيلنا فمن لم يمت في يومه مات في غد
ألا يا رسول الله، كنت رجاءنا وكنت بنا برا ولم تك جافيا
وكنت رحيما هاديا ومعلما ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكي النبي لفقده ولكن لما أخشى من الهجر آتيا
كان على قلبي لذكر محمد وما خفت من بعد النبي المكاويا
أفاطم صلى الله ربي يحمده على جدث أضحى بشرب ثاويا
فدا لرسول الله أمي وخالتي وعمي وخالي ثم نفسي وماليا
ولو أن رب الناس أبقى نبينا سعدنا ولكن أمره كان ماضيا
عليك من الله السلام تحية وأدخلت جنات من العدن راضيا
أرى حسنا أيتمته وتركته * سيبكي ويدعو جده اليوم نائيا
أرقت فبت ليلي لا يزول وليل أخي المصيبة فيه طول
وأسعدني البكاء وذاك فيما أصيب المسلمون به قليل
لقد عظمت مصيبتنا وجلت عيشة قيل قد قبض الرسول
وأضحت أرضنا مما عراها تكاد بنا جوانبها تميل
فقدنا الوحي والتنزيل فينا يروح به ويغدو جبرئيل
وذاك أحق ما سالت عليه نفوس الناس أو كادت تسيل
نبي كان يجلو الشك عنا بما يوحى إليه وما يقول
ويهدينا فلا نخشى ضلالا علينا والرسول لنا دليل
أفاطم إن جزعت فذاك عذر وأن لم تجزعي ذاك سبيل
فقبر أبيك سيد كل قبر وفيه سيد الناس الرسول
بطيبة رسم للرسول ومعهد يبين وقد تعفو الرسوم وتمهد
ولا تنمحي الآيات من ذاك حرمة بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وأوضح آيات وباقي معالم وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء ويوقد
معارف لم تطمس على العهد آيها آناء التلا فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده وقبر بها واراه في الترب ملحد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت بلاد ثرى فيها الرشيد المسدد
وضمن لحد منك ضمن طيبا عليه بتاء من صفيح منضد
تهيل عليه الترب أيد وأعين تباكت وقد عادت بذلك أسعد
لقد تغيبوا حلما وعلما ورحمة عشية عالوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السموات موته ومن قد بكته الأرض فالناس آكد
وقد عدلت رزية مالك زرية يوم مات فيه محمد
كنت السواد لناظري يعمى عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت فعليك كنت أحاذر