ومنها قال وهيب بلغنا أنه ما من ميت يموت حتى يتراءى له ملكاه الكاتبان عمله ، فإن كان مطيعا قالا له : جزاك الله عنا خيرا ، فرب مجلس صدق أجلستنا ، وعمل صالح أحضرتنا . وإن كان فاجرا قالا له : لا جزاك الله عنا خيرا ، فرب مجلس سوء أجلستنا ، وعمل غير صالح أحضرتنا ، وكلام قبيح أسمعتنا ، فلا جزاك الله عنا خيرا . مشاهدة الملكين الحافظين ،
فذلك شخوص بصر الميت إليهما ، ولا يرجع إلى الدنيا أبدا .
الداهية الثالثة وخوفهم قبل المشاهدة ، فإنهم في حال السكرات قد تخاذلت قواهم ، واستسلمت للخروج أرواحهم ولن تخرج أرواحهم ما لم يسمعوا نغمة ملك الموت بأحد البشريين ، إما أبشر يا عدو الله بالنار أو أبشر يا ولي الله بالجنة . مشاهدة العصاة مواضعهم من النار ،
ومن . هذا كان خوف أرباب الألباب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لن يخرج أحدكم من الدنيا حتى يعلم أين مصيره ، وحتى يرى مقعده من الجنة أو النار
: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقالوا : كلنا نكره الموت ، قال : ليس ذاك بذاك ، إن المؤمن إذا فرج له عما هو قادم عليه أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وروي أن وقال صلى الله عليه وسلم . قال حذيفة بن اليمان وهو لما به من آخر الليل : قم فانظر أي ساعة هي ، فقام لابن مسعود ثم جاءه فقال : قد طلعت الحمراء فقال ابن مسعود أعوذ بالله من صباح إلى النار ودخل حذيفة على مروان فقال أبي هريرة مروان : اللهم خفف عنه ، فقال اللهم اشدد ، ثم بكى أبو هريرة وقال : والله ما أبكي حزنا على الدنيا ولا جزعا من فراقكم ولكن أنتظر إحدى البشريين من ربي بجنة أم بنار . أبو هريرة
وروي في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله إذا رضي عن عبد قال : يا ملك الموت اذهب إلى فلان فأتني بروحه لأريحه ، حسبي من عمله قد بلوته فوجدته حيث أحب ، فينزل ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة ومعهم قضبان الريحان وأصول الزعفران ، كل واحد منهم يبشره ببشارة سوى بشارة صاحبه ، وتقوم الملائكة صفين لخروج روحه معهم الريحان ، فإذا نظر إليهم إبليس وضع يده على رأسه ثم صرخ ، قال : فيقول له جنوده ما لك : يا سيدنا ؟ فيقول : أما ترون ما أعطي هذا العبد من الكرامة ؟ أين كنتم من هذا ؟ قالوا قد : جهدنا به فكان معصوما .