الصدق الثالث : فإن الإنسان قد يقدم العزم على العمل فيقول في نفسه . صدق العزم
: إن رزقني الله مالا تصدقت بجميعه أو بشطره أو : إن لقيت عدوا في سبيل الله تعالى قاتلت ولم أبال وإن قتلت ، وإن أعطاني الله تعالى ولاية عدلت فيها ولم أعص الله تعالى بظلم وميل إلى خلق .
فهذه العزيمة قد يصادفها من نفسه ، وهي عزيمة جازمة صادقة وقد يكون في عزمه نوع ميل وتردد وضعف يضاد الصدق في العزيمة فكان الصدق ههنا عبارة عن التمام والقوة ، كما يقال : لفلان شهوة صادقة .
ويقال هذا : المريض شهوته كاذبة ، مهما لم تكن شهوته عن سبب ثابت قوي ، أو كانت ضعيفة ، فقد يطلق الصدق ويراد به هذا المعنى .
والصادق والصديق هو الذي تصادف عزيمته في الخيرات كلها قوة تامة ، ليس فيها ميل ولا ضعف ولا تردد بل تسخو نفسه أبدا بالعزم المصمم الجازم على الخيرات ، وهو كما قال رضي الله عنه لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم عمر رضي الله عنه فإنه قد وجد من نفسه العزم الجازم والمحبة الصادقة بأنه لا يتأمر مع وجود أبو بكر رضي الله عنه وأكد ذلك بما ذكره من القتل . أبي بكر
ومراتب الصديقين في العزائم تختلف ، فقد يصادف العزم ولا ينتهي به إلى أن يرضى بالقتل فيه ، ولكن إذا خلي ورأيه لم يقدم ، ولو ذكر له حديث القتل لم ينقض عزمه ، بل في الصادقين والمؤمنين من لو خير بين أن يقتل هو أو أبو بكر كانت حياته أحب من حياة . أبي بكر الصديق