وأما الآثار فقد جاء في الأثر : لا تزال لا إله إلا الله تدفع عن العباد سخط الله عز وجل ما لم يسألوا ما نقص من دنياهم .
وفي لفظ آخر : ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم فإذا ، فعلوا ذلك وقالوا : لا إله إلا الله ، قال الله تعالى : كذبتم لستم بها صادقين .
وعن بعض الصحابة : رضي الله عنهم : أنه قال : تابعنا الأعمال كلها فلم نر في أمر الآخرة أبلغ . من زهد في الدنيا
وقال بعض الصحابة لصدر من التابعين أنتم أكثر أعمالا واجتهادا من أصحاب رسول الله : صلى الله عليه وسلم وكانوا خيرا منكم قيل : ولم ذلك ؟ قال : كانوا أزهد في الدنيا منكم .
وقال عمر : رضي الله عنه : الزهادة في الدنيا راحة القلب والجسد .
وقال بلال بن سعد كفى به ذنبا أن الله تعالى يزهدنا في الدنيا ونحن نرغب فيها .
وقال رجل لسفيان أشتهي أن أرى عالما زاهدا فقال : ويحك تلك ضالة لا توجد .
وقال إن للجنة ثمانية أبواب ، فإذا صار أهل الجنة إليها جعل البوابون يقولون : وعزة ربنا لا يدخلها أحد قبل الزاهدين في الدنيا العاشقين للجنة . وهب بن منبه
وقال يوسف بن أسباط رحمه الله إني لأشتهي من الله ثلاث خصال : أن أموت حين أموت وليس في ملكي درهم ولا يكون علي دين ولا على عظمي لحم فأعطي ، ذلك كله .
وروي أن بعض الخلفاء أرسل إلى الفقهاء بجوائز فقبلوها وأرسل إلى الفضيل بعشرة آلاف فلم يقبلها ، فقال له بنوه قد قبل الفقهاء وأنت ترد على حالتك هذه فبكى وقال : أتدرون ما مثلي ومثلكم كمثل قوم كانت لهم بقرة يحرثون عليها فلما هرمت ذبحوها لأجل أن ينتفعوا : بجلدها كذلك ، أنتم أردتم ذبحي على كبر سني ، موتوا يا أهلي جوعا خير لكم من أن تذبحوا الفضيل فضيلا .
وقال عبيد بن عميرة كان المسيح ابن مريم عليه السلام : يلبس الشعر ويأكل الشجر وليس له ولد يموت ولا بيت يخرب ولا يدخر لغد أينما أدركه المساء نام .
وقالت امرأة أبي حازم لأبي هذا الشتاء قد هجم علينا ولا بد لنا من الطعام والثياب والحطب ، فقال لها أبو حازم : من هذا كله بد ولكن لا بد لنا من الموت ثم البعث ثم الوقوف بين يدي الله تعالى ثم الجنة أو النار .
وقيل : للحسن لم لا تغسل ثيابك قال : الأمر أعجل من ذلك .
وقال قد حجبت قلوبنا بثلاثة أغطية فلن يكشف للعبد اليقين حتى ترفع هذه الحجب الفرح بالموجود والحزن على المفقود والسرور بالمدح ، فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص وإذا حزنت على المفقود فأنت ساخط والساخط معذب ، وإذا سررت بالمدح فأنت معجب والعجب يحبط العمل . إبراهيم بن أدهم
وقال رضي الله عنه ركعتين : من زاهد قلبه خير له وأحب إلى الله من عبادة المتعبدين المجتهدين إلى آخر الدهر أبدا سرمدا . ابن مسعود
وقال بعض السلف : نعمة الله علينا فيما صرف عنا أكثر من نعمته فيما صرف إلينا وكأنه التفت إلى معنى قوله : صلى الله عليه وسلم : فإذا فهم هذا علم أن النعمة في المنع المؤدي إلى الصحة أكبر منها في الإعطاء المؤدي إلى السقم . إن الله يحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه
وكان الثوري يقول : الدنيا دار التواء لا دار استواء ودار ترح لا دار فرح ، من عرفها لم يفرح برخاء ولم يحزن على شقاء .
وقال سهل لا يخلص العمل لمتعبد حتى يفرغ من أربعة أشياء : الجوع والعري والفقر والذل .
وقال الحسن البصري أدركت أقواما وصحبت طوائف ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل ولا يأسفون على شيء منها أدبر ولهي كانت في أعينهم أهون من التراب كان أحدهم يعيش خمسين سنة أو ستين سنة لم يطوله ثوب ولم ينصب له قدر ولم يجعل بينه وبين الأرض شيئا ولا أمر من في بيته بصنعة طعام قط فإذا كان الليل فقيام على أقدامهم يفترشون وجوههم تجري دموعهم على خدودهم يناجون ربهم في فكاك رقابهم كانوا إذا عملوا الحسنة دأبوا في شكرها وسألوا الله أن يقبلها وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله أن يغفرها لهم فلم يزالوا على ذلك ووالله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا إلا بالمغفرة رحمة الله عليهم ورضوانه .