قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم وقال : صلى الله عليه وسلم : طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع به يا معشر الفقراء ، أعطوا الله الرضا من قلوبكم تظفروا بثواب فقركم وإلا فلا فالأول القانع وهذا : الراضي ، ويكاد يشعر هذا بمفهومه أن الحريص لا ثواب له على فقره ، ولكن العمومات الواردة في فضل الفقر تدل على أن له ثوابا كما سيأتي تحقيقه فلعل المراد بعدم الرضا هو الكراهة لفعل الله في حبس الدنيا عنه ، ورب راغب في المال لا يخطر بقلبه إنكار على الله تعالى ولا كراهة في فعله ، فتلك الكراهة هي التي تحبط ثواب الفقر .
وروي عن رضي الله عنه : عن النبي : صلى الله عليه وسلم : أنه قال : عمر بن الخطاب إن لكل شيء مفتاحا ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء لصبرهم ، هم جلساء الله تعالى يوم القيامة .
وروي عن كرم الله وجهه عن النبي : صلى الله عليه وسلم : أنه قال : علي أحب العباد إلى الله تعالى الفقير القانع برزقه الراضي عن الله تعالى وقال : صلى الله عليه وسلم : محمد كفافا وقال : اللهم اجعل قوت آل ما من أحد غني ولا فقير إلا ود يوم القيامة أنه كان أوتي قوتا في الدنيا وأوحى الله تعالى إلى إسماعيل عليه السلام : اطلبني عند المنكسرة قلوبهم ، قال : ومن هم ؟ قال : الفقراء الصادقون وقال : صلى الله عليه وسلم : لا أحد أفضل من الفقير إذا كان راضيا وقال : صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى يوم القيامة : أين صفوتي من خلقي ؟ فتقول الملائكة : ومن هم يا ربنا ؟ فيقول : فقراء المسلمين القانعون بعطائي الراضون بقدري أدخلوهم الجنة ، فيدخلونها ويأكلون ويشربون والناس في الحساب يترددون فهذا في القانع والراضي .
وأما الزاهد فسنذكر فضله في الشطر الثاني من الكتاب إن شاء الله تعالى .
وأما فكثيرة ، ولا يخفى أن القناعة يضادها الطمع وقد قال الآثار في الرضا والقناعة رضي الله تعالى عنه : إن الطمع فقر واليأس غنى ، وإنه من يئس عما في أيدي الناس وقنع استغنى عنهم . عمر
وقال أبو مسعود رضي الله تعالى عنه ما من يوم إلا وملك ينادي من تحت العرش : يا ابن آدم ، قليل يكفيك خير من كثير يطغيك .
وقال رضي الله تعالى عنه ما من أحد إلا وفي عقله نقص ، وذلك أنه إذا أتته الدنيا بالزيادة ظل فرحا مسرورا ، والليل والنهار دائبان في هدم عمره ، ثم لا يحزنه ذلك ، ويح ابن أبو الدرداء آدم ، ما ينفع مال يزيد وعمر ينقص .
وقيل لبعض الحكماء : ما الغنى ؟ قال : قلة تمنيك ، ورضاك بما يكفيك .
وقيل : كان من أهل النعم إبراهيم بن أدهم بخراسان فبينما هو يشرف من قصر له ذات يوم ، إذ نظر إلى رجل في فناء القصر وفي يده رغيف يأكله فلما أكل نام فقال لبعض غلمانه إذا قام فجئني به فلما قام جاء به إليه فقال إبراهيم : أيها الرجل أكلت الرغيف وأنت جائع ؟ قال : نعم ، قال : فشبعت ؟ قال : نعم ، قال : ثم نمت طيبا ؟ قال : نعم ، فقال إبراهيم في نفسه فما أصنع أنا بالدنيا والنفس تقنع بهذا القدر .
ومر رجل بعامر بن عبد القيس وهو يأكل ملحا وبقلا فقال له : يا عبد الله أرضيت من الدنيا بهذا ؟ فقال : ألا أدلك على من رضي بشر من هذا ؟ قال : بلى ، قال : من رضي بالدنيا عوضا عن الآخرة .
وكان رحمة الله عليه يخرج خبزا يابسا فيبله بالماء ويأكله بالملح ويقول : من رضي من الدنيا بهذا لم يحتج إلى أحد . محمد بن واسع
وقال الحسن رحمه الله لعن الله أقواما أقسم لهم الله تعالى ثم لم يصدقوه ثم قرأ وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون .
. وكان رضي الله عنه يوما جالسا في الناس فأتته امرأته فقالت له أتجلس : بين هؤلاء والله ما في البيت هفة ولا سفة فقال : يا هذه ، إن بين أيدينا عقبة كئودا لا ينجو منها إلا كل مخف ، فرجعت وهي راضية . أبو ذر
وقال ذو النون رحمه الله أقرب الناس إلى الكفر ذو فاقة لا صبر له .
وقيل لبعض الحكماء: ما مالك؟ فقال : التجمل في الظاهر والقصد في الباطن ، واليأس مما في أيدي الناس .
وروي ، أن الله : عز وجل : قال في بعض الكتب السالفة المنزلة : يا ابن آدم لو كانت الدنيا كلها لك لم يكن لك منها إلا القوت ، فإذا أنا أعطيتك منها القوت وجعلت حسابها على غيرك فأنا محسن إليك ، وقد قيل في القناعة :
اضرع إلى الله لا تضرع إلى الناس واقنع بيأس فإن العز في الياس واستغن عن كل ذي قربى وذي رحم
إن الغني من استغنى عن الناس
يا جامعا مانعا والدهر يرمقه مقدرا أي باب منه يغلقه
مفكرا كيف تأتيه منيته أغاديا أم بها يسري فيطرقه
جمعت مالا فقل لي هل جمعت له يا جامع المال أياما تفرقه
المال عندك مخزون لوارثه ما المال مالك إلا يوم تنفقه
أرفه ببال فتى يغدو على ثقة أن الذي قسم الأرزاق يرزقه
فالعرض منه مصون ما يدنسه والوجه منه جديد ليس يخلقه
إن القناعة من يحلل بساحتها لم يبق في ظلها هم يؤرقه