الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فالشكر باللسان من جملة الشكر وقد روي أن وفدا قدموا على عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقام شاب ليتكلم فقال عمر : الكبر الكبر فقال : يا أمير المؤمنين لو كان الأمر بالسن لكان في المسلمين من هو أسكن منك فقال : تكلم ، فقال : لسنا وفد الرغبة ولا وفد الرهبة أما الرغبة فقد أوصلها إلينا فضلك وأما الرهبة فقد آمننا منها عدلك وإنما نحن وفد الشكر جئناك نشكرك باللسان وننصرف .

التالي السابق


(فالشكر باللسان) وحسن الثناء، وجميل البشر للنعماء، وتعديد النعم والآلاء، (من جملة الشكر) لأن معنى الشكر في اللغة هو الكشف والإظهار، يقال: كثر وشكر بمعنى إذا كشف عن ثغره وأظهره فيكون إظهار الشكر وكشفه باللسان ما ذكرناه، (وقد روي أن وفدا قدموا على عمر بن عبد العزيز) رحمه الله تعالى في أيام خلافته (فقام شاب) من الوفد (ليتكلم فقال عمر: الكبر الكبر) بضم الكاف فيهما، أي: قدموا للتكلم الأكبر فالأكبر، وهذا اللفظ قد روي مرفوعا في حديث سهل بن أبي حثمة رواه الشيخان وأبو داود، (فقال: يا أمير المؤمنين لو كان الأمر) أي: التقدم ههنا (بالسن لكان) غيرك مقدما عليك؛ إذ (في المسلمين من هو أسن منك) لعرف فضله ورفعته على من معه (فقال: تكلم، فقال:) يا أمير المؤمنين (لسنا وفد الرغبة) أي: لطلب شيء منك (ولا وفد الرهبة) أي: الخوف لشيء نطلب منك خلاصه، (أما الرغبة فقد أوصلها إلينا فضلك) ونحن ببلادنا (وأما الرهبة فقد أمننا منها عدلك) ونحن كذلك ببلادنا، (وإنما نحن وفد الشكر جئناك نشكرك باللسان وننصرف) . [ ص: 54 ] على ما نحن عليه من فضلك وأمنك. نقله القشيري في الرسالة ولفظه وقيل: "قدم وفد على عمر بن عبد العزيز، وكان فيهم شاب، فأخذ يخطب، فقال عمر: الكبر الكبر، فقال الشاب: يا أمير المؤمنين لو كان الأمر بالسن... فذكره. وفائدة ذلك التأكيد في طلب تبليغ الشكر لمن يستحقه، فإذا كان المنعم حاضرا، والنعم متوالية، والقلب واللسان صامت عن الشكر، كان من أقبح القبائح عادة وشرعا .




الخدمات العلمية