بيان أن . وجوب التوبة على الفور
أما وجوبها على الفور فلا يستراب فيه ; إذ معرفة كون المعاصي مهلكات من نفس الإيمان وهو واجب على الفور المتقصي عن وجوبه هو الذي عرفه معرفة زجره ذلك عن الفعل المكروه فإن هذه المعرفة ليست من علوم المكاشفات التي لا تتعلق بعمل ، بل هي من علوم المعاملة ، وكل علم يراد ليكون باعثا على عمل فلا يقع التقصي عن عهدته ما لم يصر باعثا عليه ، فالعلم بضرر الذنوب إنما أريد ليكون باعثا لتركها ، فمن لم يتركها فهو فاقد لهذا الجزء من الإيمان ، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : وما أراد به نفي الإيمان الذي يرجع إلى علوم المكاشفة ; كالعلم بالله ، ووحدانيته ، وصفاته ، وكتبه ، ورسله ; فإن ذلك لا ينفيه الزنا والمعاصي وإنما أراد به نفي الإيمان لكون الزنا مبعدا عن الله تعالى موجبا ، للمقت كما إذا قال الطبيب هذا سم فلا تتناوله ، فإذا تناوله يقال : تناول وهو غير مؤمن ، لا بمعنى أنه غير مؤمن بوجود الطبيب وكونه طبيبا وغير مصدق به ، بل المراد أنه غير مصدق بقوله : إنه سم مهلك ; فإن العالم بالسم لا يتناوله أصلا . « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن »