وبلغنا أن بعض أهل العلم قال : ما سرني أن لي حمر النعم ولا أكون في الرعيل الأول مع محمد صلى الله عليه وسلم وحزبه .
يا قوم فاستبقوا السباق مع المخفين في زمرة المرسلين عليهم السلام ، وكونوا وجلين من التخلف والانقطاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجل المتقين .
، لقد بلغني أن بعض الصحابة وهو أبو بكر رضي الله عنه عطش فاستسقى فأتي بشربة من ماء وعسل فلما ذاقه خنقته العبرة ، ثم بكى وأبكى ثم مسح الدموع عن وجهه وذهب ليتكلم ، فعاد في البكاء ، فلما أكثر البكاء قيل له أكل : هذا من أجل هذه الشربة ؟! قال : نعم ، بينا أنا ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه أحد في البيت غيري ، فجعل يدفع عن نفسه وهو يقول : إليك عني ، فقلت له : فداك أبي وأمي ما أرى بين يديك أحدا ، فمن تخاطب فقال : هذه الدنيا ، تطاولت إلي بعنقها ورأسها ، فقالت لي يا محمد خذني ، فقلت : إليك عني ، فقالت : إن تنج مني يا محمد فإنه لا ينجو مني من بعدك ، فأخاف أن تكون هذه قد لحقتني تقطعني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا قوم فهؤلاء الأخيار بكوا ؛ وجلا أن تقطعهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شربة من حلال ، ويحك ! أنت في أنواع من النعم والشهوات من مكاسب السحت والشبهات ، لا تخشى الانقطاع ؟! أف لك ! ما أعظم جهلك ! ويحك ! فإن تخلفت في القيامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد المصطفى لتنظرن إلى أهوال جزعت منها الملائكة والأنبياء ولئن قصرت عن السباق فليطولن عليك اللحاق ، ولئن أردت الكثرة لتصيرن إلى حساب عسير ، ولئن لم تقنع بالقليل لتصيرن إلى وقوف طويل وصراخ وعويل ، ولئن رضيت بأحوال المتخلفين لتقطعن عن أصحاب اليمين ، وعن رسول رب العالمين ، ولتبطئن عن نعيم المتنعمين ولئن خالفت أحوال المتقين لتكونن من المحتبسين في أهوال يوم الدين .
فتدبر ، ويحك ! ما سمعت وبعد .
فإن زعمت أنك في مثال خيار السلف قنع ، بالقليل ، زاهد في الحلال ، بذول لمالك مؤثر على نفسك ، لا تخشى الفقر ، ولا تدخر شيئا لغدك ، مبغض للتكاثر والغنى ، راض بالفقر والبلا ، فرح بالقلة والمسكنة ، مسرور بالذل والضعة ، كاره للعلو والرفعة ، قوي في أمرك ، لا يتغير عن الرشد قلبك ، قد حاسبت نفسك في الله وأحكمت ، أمورك كلها على ما وافق رضوان الله ، ولن توقف في المسألة ولن ، يحاسب مثلك من المتقين .
وإنما تجمع المال الحلال للبذل في سبيل الله ، ويحك أيها المغرور ! فتدبر الأمر وأمعن ، النظر ، أما علمت أن ترك الاشتغال بالمال وفراغ القلب للذكر والتذكر والتذكار والفكر والاعتبار أسلم للدين ، وأيسر للحساب ، وأخف للمسألة ، وآمن من روعات القيامة ، وأجزل للثواب وأعلى ، لقدرك عند الله أضعافا .
؟! بلغنا عن بعض الصحابة أنه قال : « . لو أن رجلا في حجره دنانير يعطيها والآخر يذكر الله لكان الذاكر أفضل
وسئل بعض أهل العلم عن . الرجل يجمع المال لأعمال البر ، قال : تركه أبر به