وقال الحسن من نم إليك ، نم عليك وهذا إشارة إلى أن وكيف لا يبغض وهو لا ينفك عن الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والإفساد بين الناس ، والخديعة وهو ممن يسعون في قطع ما أمر الله به أن يوصل النمام ينبغي أن يبغض ولا يوثق بقوله ولا بصداقته ويفسدون في الأرض ، وقال تعالى : إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ، والنمام منهم وقال صلى الله عليه وسلم :
من اتقاه الناس لشره والنمام منهم وقال : إن من شرار الناس . . لا يدخل الجنة قاطع قيل وما القاطع؟ قال : قاطع بين الناس وهو النمام ، وقيل : قاطع الرحم
وروي عن رضي الله عنه أن رجلا سعى إليه برجل ، فقال له : يا هذا ، نحن نسأل عما قلت ، فإن كنت صادقا مقتناك وإن كنت كاذبا عاقبناك وإن شئت أن نقيلك أقلناك فقال : أقلني يا أمير المؤمنين . وقيل علي لمحمد بن كعب القرظي أي خصال المؤمن أوضع له فقال : كثرة الكلام ، وإفشاء السر ، وقبول قول كل أحد وقال رجل لعبد الله ابن عامر وكان أميرا بلغني أن فلانا أعلم الأمير أني ذكرته بسوء ، قال : قد كان ذلك . قال : فأخبرني بما قال لك حتى أظهر كذبه عندك . قال : ما أحب أن أشتم نفسي بلساني ، وحسبي أني لم أصدقه فيما قال ، ولا أقطع عنك الوصال .
وذكرت السعاية عند بعض الصالحين ، فقال : ما ظنكم بقوم يحمد الصدق من كل طائفة من الناس إلا منهم وقال مصعب بن الزبير نحن نرى أن قبول السعاية شر من السعاية ; لأن السعاية دلالة ، والقبول إجازة ، وليس من دل على شيء فأخبر به كمن قبله وأجازه ، فاتقوا الساعي فلو كان صادقا في قوله لكان لئيما في صدقه ، حيث لم يحفظ الحرمة ، ولم يستر العورة ، والسعاية هي النميمة إلا أنها ، إذا كانت إلى من يخاف جانبه سميت سعاية وقد قال صلى الله عليه وسلم : . يعني : ليس بولد حلال ودخل رجل على سليمان بن عبد الملك فاستأذنه في الكلام ، وقال : إني مكلمك يا أمير المؤمنين بكلام ، فاحتمله إن كرهته ، فإن وراءه ما تحب إن قبلته فقال : قل . فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه قد اكتنفك رجال ابتاعوا دنياك بدينهم ، ورضاك بسخط ربهم ، خافوك في الله ، ولم يخافوا الله فيك ، فلا تأمنهم على ما ائتمنك الله عليه ، ولا تصخ إليهم فيما استحفظك الله إياه ؛ فإنهم لن يألوا في الأمة خسفا وفي الأمانة ، تضييعا ، والأعراض قطعا وانتهاكا ، أعلى قربهم البغي والنميمة ، وأجل وسائلهم الغيبة والوقيعة وأنت مسئول عما أجرموا وليسوا المسئولين عما أجرمت ، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك ؛ فإن أعظم الناس غبنا من باع آخرته بدنيا غيره وسعى رجل الساعي بالناس إلى الناس لغير رشدة بزياد الأعجم إلى سليمان بن عبد الملك فجمع بينهما ؛ للموافقة ، فأقبل زياد على الرجل وقال .
فأنت
امرؤ إما ائتمنتك خاليا فخنت وإما قلت قولا بلا علم فأنت من الأمر الذي كان بيننا
بمنزلة بين الخيانة والإثم
وعلى الجملة قال حماد بن سلمة باع رجل عبدا ، وقال للمشتري : ما فيه عيب إلا النميمة . قال : رضيت . فاشتراه ، فمكث الغلام أياما ثم قال لزوجة مولاه : إن سيدي لا يحبك ، وهو يريد أن يتسرى عليك ، فخذي الموسى واحلقي من شعر قفاه عند نومه شعرات حتى أسحره عليها فيحبك ، ثم قال للزوج : إن امرأتك اتخذت خليلا ، وتريد أن تقتلك ، فتناوم لها حتى تعرف ذلك فتناوم لها . فجاءت المرأة بالموسى ، فظن أنها تريد قتله ، فقام إليها فقتلها ، فجاء أهل المرأة فقتلوا الزوج ووقع ، القتال بين القبيلتين فنسأل الله حسن التوفيق . فشر النمام عظيم ينبغي أن يتوقى
.