الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ومما يعتاد الكذب فيه ويتساهل به أن يقال : كل الطعام . فيقول : لا أشتهيه . وذلك منهي عنه ، وهو حرام وإن لم يكن فيه غرض صحيح قال مجاهد قالت أسماء بنت عميس كنت صاحبة عائشة في الليلة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة ، قالت : فوالله ما وجدنا عنده قرى إلا قدحا من لبن فشرب ثم ناوله عائشة ، قالت فاستحيت الجارية فقلت : لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خذي منه . قالت فأخذت : منه على حياء ، فشربت منه ، ثم قال : ناولي صواحبك فقلن : لا نشتهيه فقال : لا تجمعن جوعا وكذبا . قالت فقلت : يا رسول الله ، إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه : لا أشتهيه ، أيعد ذلك كذبا قال ؟ : إن الكذب ليكتب كذبا حتى تكتب الكذبة كذيبة .

التالي السابق


( ومما يعتاد الكذب فيه ويتساهل به أن يقال: كل الطعام. فيقول: لا أشتهيه . وذلك منهي عنه، وهو حرام إن لم يكن فيه غرض صحيح) ، وهو أن يكون شبعان ولا يرى إدخال الطعام على الطعام فيه شبهة أو قذارة لا يشتهى لأجل ذلك أو غيره، وقد أخرج ابن أبي الدنيا من طريق شقيق بن سلمة قال: قال لي أخي عبد الرحمن بن سلمة : ما كذبت منذ أسلمت إلا أن الرجل يدعوني إلى طعامه فأقول: ما أشتهيه، فعسى أن يكتب .

(قال مجاهد) بن جبر المكي التابعي الثقة: (قالت أسماء بنت عميس) بن معبد بن الحارث بن كعب الخثعمية، هاجرت مع جعفر إلى الحبشة ، تزوجها أبو بكر الصديق ، ثم علي بن أبي طالب ، وكانت فاضلة جليلة: (كنت صاحبة عائشة رضي الله عنها في الليلة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة، قالت: فوالله ما وجدنا عنده قرى) ، أي: ضيافة (إلا قدحا من لبن) فشرب منه، (ثم ناول عائشة رضي الله عنها، قالت) أسماء : (فاستحيت الجارية، قالت: فقلت: لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خذي منه. قالت: فأخذته منه على حياء، فشربت منه، ثم قال: ناولي صواحبك) ، وهن النسوة اللاتي أتين معها، (فقلن: لا نشتهيه) وأبين أن يأخذنه، (فقال: لا تجمعن جوعا وكذبا. قالت) أسماء : (فقلت: يا رسول الله، إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهيه، أيعد ذلك كذبا؟ فقال: إن الكذب ليكتب حتى تكتب الكذيبة كذيبة) قال العراقي : رواه ابن أبي الدنيا في الصمت، والطبراني في الكبير، وله نحوه من رواية شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد ، وهو الصواب، فإن أسماء بنت عميس كانت إذ ذاك بالحبشة ، لكن في طبقات الأصفهانيين لأبي الشيخ من رواية عطاء بن أبي رباح عن أسماء بنت عميس : زففنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه.. الحديث، فإذا كانت غير عائشة ممن تزوجها بعد خيبر ، فلا مانع من ذلك. اهـ .

قلت: قال ابن أبي الدنيا في الصمت: حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا يونس بن يزيد الأيلي عن أبي شداد ، عن مجاهد .. فذكره مثل سياق المصنف، ورواه أحمد وابن ماجه والبيهقي من حديث أسماء بنت عميس ، قالت: "أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطعام فعرض علينا، فقلنا: لا نشتهيه. فقال: لا تجمعن جوعا وكذبا" .




الخدمات العلمية