وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثُمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
وَيَقُولُ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ : هَكَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ نَعَتَهُ بَعْضُ مَنْ نَعَتَهُ بِأَنَّهُ كَانَ مُشْرَبَ حُمْرَةٍ ، وَقَدْ صَدَقَ مَنْ نَعَتْهُ بِذَلِكَ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا كَانَ الْمُشْرَبُ مِنْهُ حُمْرَةً مَا ضَحَى لِلشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ ، فَقَدْ كَانَ بَيَاضُهُ مِنْ ذَلِكَ قَدْ أُشْرِبَ حُمْرَةً ، وَمَا تَحْتَ الثِّيَابِ فَهُوَ الْأَبْيَضُ الْأَزْهَرُ ، لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ فَمَنْ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ أَزْهَرُ فَعَنَى مَا تَحْتَ الثِّيَابِ ، فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ نَعَتَ مَا ضَحَى لِلشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ ، بِأَنَّهُ أَزْهَرُ مُشْرَبُ حُمْرَةٍ ، فَقَدْ أَصَابَ وَلَوْنُهُ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ الْأَبْيَضُ الْأَزْهَرُ ، وَإِنَّمَا الْحُمْرَةُ مِنْ قِبَلِ الشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ ، وَكَانَ عَرَقُهُ فِي وَجْهِهِ مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ أَطْيَبَ مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ ، وَكَانَ رَجْلَ الشَّعْرِ حَسَنًا لَيْسَ بِالسَّبْطِ ، وَلَا الْجَعْدِ الْقَطَطِ ، كَانَ إِذَا مَشَّطَهُ بِالْمُشْطِ كَأَنَّهُ حُبْكُ [ ص: 156 ] الرَّمْلِ ، أَوْ كَأَنَّهُ الْمَبْثُوثُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْقَدْرِ إِذَا سَفَتْهَا الرِّيَاحُ ، فَإِذَا مَكَثَ لَمْ يُرَجَّلْ ، أَخَذَ بَعْضُهُ بَعْضًا ، وَتَحَلَّقَ حَتَّى يَكُونَ مُتَحَلِّقًا ، كَالْخَوَاتِمِ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَدْ سَدَلَ نَاصِيَتَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، كَمَا تُسْدَلُ نَوَاصِي الْخَيْلِ ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْفَرْقِ فَفَرَقَ فَكَانَ شَعْرُهُ فَوْقَ حَاجِبَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : كَانَ يَضْرِبُ شَعْرُهُ مَنْكِبَيْهِ ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا جَعَلَهُ غَدَائِرَ أَرْبَعًا ، يُخْرِجُ الْأُذُنَ الْيُمْنَى مِنْ بَيْنِ غَدِيرَتَيْنِ يَكْتَنِفَانِهَا ، وَيُخْرِجُ الْأُذُنَ الْيُسْرَى مِنْ بَيْنِ غَدِيرَتَيْنِ يَكْتَنِفَانِهَا ، وَتَخْرُجُ الْأُذُنَانِ بِبَيَاضِهِمَا مِنْ بَيْنِ تِلْكَ الْغَدَائِرِ كَأَنَّهَا تَوَقُّدُ الْكَوَاكِبِ الدُّرِّيَّةِ مِنْ سَوَادِ شَعْرِهِ ، وَكَانَ أَكْثَرُ شَيْبِهِ فِي الرَّأْسِ فِي فُودِيِّ رَأْسِهِ ، وَالْفُودَانُ حَرْفَا الْفَرْقِ ، وَكَانَ أَكْثَرُ شَيْبِهِ فِي لِحْيَتِهِ فَوْقَ الذَّقَنِ ، وَكَانَ يُشْبِهُ كَأَنَّهُ خُيُوطُ الْفِضَّةِ ، يَتَلَأْلَأُ مِنْ بَيْنِ ظَهْرِ سَوَادِ الشَّعْرِ الَّذِي مَعَهُ ، وَإِذَا مَسَّ ذَلِكَ الشَّيْبَ الصُّفْرَةُ ، كَانَ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُ صَارَ كَأَنَّهُ خُيُوطُ الذَّهَبِ يَتَلَأْلَأُ بَيْنَ ظَهْرِ سَوَادِ الشَّعْرِ الَّذِي مَعَهُ ، وَكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَنْوَرَهُمْ لَوْنًا ، لَمْ يَصِفْ وَاصِفٌ قَطُّ بَلَغَتْنَا عَنْهُ ، إِلَّا شَبَّهَ وَجْهَهُ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَلَقَدْ كَانَ يَقُولُ : مَنْ كَانَ يَقُولُ مِنْهُمْ لَرُبَّمَا نَظَرْنَا إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَيَقُولُ : هُوَ أَحْسَنُ فِي أَعْيُنِنَا مِنَ الْقَمَرِ أَزْهَرُ اللَّوْنِ نَيِّرُ الْوَجْهِ ، يَتَلَأْلَأُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ ، يُعْرَفُ رِضَاهُ وَغَضَبُهُ فِي سُرُورِهِ بِوَجْهِهِ ، كَانَ إِذَا رَضِيَ أَوْ سُرَّ فَكَانَ وَجْهُهُ الْمِرْآةَ ، وَكَأَنَّمَا الدُّرُّ يُلَاحِكُ وَجْهَهُ ، وَإِذَا غَضِبَ تَلَوَّنَ وَجْهُهُ وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ ، قَالَ : وَكَانُوا يَقُولُونَ : هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَصَفَهُ صَاحِبُهُ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :أَمِينٌ مُصْطَفًى لِلْخَيْرِ يَدْعُو كَضَوْءِ الْبَدْرِ زَايَلَهُ الظَّلَامُ
لَوْ كُنْتَ مِنْ شَيْءٍ سِوَى بَشَرٍ كُنْتَ الْمُضِيءَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ
أَعَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ عَلَى الْمُرْتَضَى كَالْبَدْرِ مِنْ بَنِي هَاشِمِ
عَلَى الْمُرْتَضَى لِلْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى وَلِلدِّينِ وَالدُّنْيَا بَهِيجُ الْمَعَالِمِ
عَلَى الصَّادِقِ الْمَيْمُونِ ذِي الْحِلْمِ وَالنُّهَى وَلِلْفَضْلِ وَالدَّاعِي لِخَيْرِ التَّرَاحُمِ
مَتَى يَبْدُو فِي الدَّاجِ الْبَهِيمِ جَبِينُهُ يَلُحْ مِثْلَ مِصْبَاحِ الدُّجَى الْمُتَوَقِّدِ
فَمَنْ كَانَ أَوْ مَنْ قَدْ يَكُونُ كَأَحْمَدَ نِظَامٌ لِحَقٍّ أَوْ نَكَالُ الْمُلْحِدِ
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ رَفِيقَيْنِ حَلَّا خَيْمَتِي أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلَاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِمْ
فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ فَيَا لَقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ
بِهِ مِنْ فِعَالٍ لَا تُجَارَى وَسُؤْدُدِ لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَقَامُ فَتَاتِهِمْ
وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا
فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ
لَهُ بِصَرِيحٍ دَرَّتِ الشَّاةُ مُزْبِدِ خَفَى دَرُّهَا رَهْنًا لَدَيْهَا بِحَالِبٍ
يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ
لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ وَقَدْ سُرَّ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِ وَيَغْتَدِ
تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَرَّدِ
هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ رَبُّهُمْ وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يَرْشُدِ
وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَّالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا عَمَّا يُتَّهَمُ هَادٍ بِهِ كُلُّ مُهْتَدِ
وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلٍ يَثْرِبٍ رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بَأَسْعَدِ
نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ
وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ
لِيَهْنَ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدُ اللَّهُ يَسْعَدِ
لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَقَامُ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
ويقول كل من سمعه : هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم - وقد نعته بعض من نعته بأنه كان مشرب حمرة ، وقد صدق من نعته بذلك ، ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحى للشمس والرياح ، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة ، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر ، لا يشك فيه أحد فمن وصفه بأنه أبيض أزهر فعنى ما تحت الثياب ، فقد أصاب ومن نعت ما ضحى للشمس والرياح ، بأنه أزهر مشرب حمرة ، فقد أصاب ولونه الذي لا يشك فيه الأبيض الأزهر ، وإنما الحمرة من قبل الشمس والرياح ، وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ أطيب من المسك الأذفر ، وكان رجل الشعر حسنا ليس بالسبط ، ولا الجعد القطط ، كان إذا مشطه بالمشط كأنه حبك [ ص: 156 ] الرمل ، أو كأنه المبثوث الذي يكون في القدر إذا سفتها الرياح ، فإذا مكث لم يرجل ، أخذ بعضه بعضا ، وتحلق حتى يكون متحلقا ، كالخواتم كان أول مرة قد سدل ناصيته بين عينيه ، كما تسدل نواصي الخيل ، ثم جاءه جبريل عليه السلام - بالفرق ففرق فكان شعره فوق حاجبيه ، ومنهم من قال : كان يضرب شعره منكبيه ، وأكثر ذلك إذا كان إلى شحمة أذنيه ، وكان صلى الله عليه وسلم ربما جعله غدائر أربعا ، يخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها ، ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها ، وتخرج الأذنان ببياضهما من بين تلك الغدائر كأنها توقد الكواكب الدرية من سواد شعره ، وكان أكثر شيبه في الرأس في فودي رأسه ، والفودان حرفا الفرق ، وكان أكثر شيبه في لحيته فوق الذقن ، وكان يشبه كأنه خيوط الفضة ، يتلألأ من بين ظهر سواد الشعر الذي معه ، وإذا مس ذلك الشيب الصفرة ، كان كثيرا ما يفعل صار كأنه خيوط الذهب يتلألأ بين ظهر سواد الشعر الذي معه ، وكان أحسن الناس وجها وأنورهم لونا ، لم يصف واصف قط بلغتنا عنه ، إلا شبه وجهه بالقمر ليلة البدر ، ولقد كان يقول : من كان يقول منهم لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فيقول : هو أحسن في أعيننا من القمر أزهر اللون نير الوجه ، يتلألأ تلألؤ القمر ، يعرف رضاه وغضبه في سروره بوجهه ، كان إذا رضي أو سر فكان وجهه المرآة ، وكأنما الدر يلاحك وجهه ، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه ، قال : وكانوا يقولون : هو صلى الله عليه وسلم كما وصفه صاحبه nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق رضي الله عنه - :أمين مصطفى للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام
لو كنت من شيء سوى بشر كنت المضيء ليلة البدر
أعيني جودا بالدموع السواجم على المرتضى كالبدر من بني هاشم
على المرتضى للبر والعدل والتقى وللدين والدنيا بهيج المعالم
على الصادق الميمون ذي الحلم والنهى وللفضل والداعي لخير التراحم
متى يبدو في الداج البهيم جبينه يلح مثل مصباح الدجى المتوقد
فمن كان أو من قد يكون كأحمد نظام لحق أو نكال الملحد
جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلاها بالهدى واهتدت بهم
فقد فاز من أمسى رفيق محمد فيا لقصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا تجارى وسؤدد ليهن بني كعب مقام فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد دعاها بشاة حائل فتحلبت
له بصريح درت الشاة مزبد خفى درها رهنا لديها بحالب
يرددها في مصدر ثم مورد
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم وقد سر من يسري إليه ويغتد
ترحل عن قوم فضلت عقولهم وحل على قوم بنور مجرد
هداهم به بعد الضلالة ربهم وأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا عما يتهم هاد به كل مهتد
وقد نزلت منه على أهل يثرب ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ويتلو كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غائب فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده بصحبته من يسعد الله يسعد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد