ثم رغب الخلق في محاسن الأخلاق بما أوردناه في كتاب رياضة النفس وتهذيب الأخلاق فلا نعيده ثم لما أكمل الله تعالى خلقه أثنى عليه ، فقال تعالى : وإنك لعلى خلق عظيم فسبحانه ما أعظم شأنه وأتم امتنانه ثم انظر إلى عميم لطفه وعظيم فضله ، كيف أعطى ثم أثنى ، فهو الذي زينه بالخلق الكريم ، ثم أضاف إليه ذلك ، فقال : وإنك لعلى خلق عظيم ثم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم للخلق أن الله يحب مكارم الأخلاق ويبغض سفسافها قال رضي الله عنه يا عجبا لرجل مسلم يجيئه أخوه المسلم في حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلا ، فلو كان لا يرجو ثوابا ولا يخشى عقابا لقد كان ينبغي له أن يسارع إلى مكارم الأخلاق ; فإنها مما تدل على سبيل النجاة . علي
فقال له رجل : أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : نعم ، وما هو خير منه لما أتى بسبايا طيء وقفت جارية في السبي فقالت : يا محمد ، إن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب فإني بنت سيد قومي وإن أبي كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ولم يرد طالب حاجة قط أنا ابنة حاتم الطائي فقال صلى الله عليه وسلم يا جارية ، هذه صفة المؤمنين حقا لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق وإن الله يحب مكارم الأخلاق فقام أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول الله ، الله يحب مكارم الأخلاق ، فقال : والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة إلا حسن الأخلاق وعن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : معاذ بن جبل إن الله حف الإسلام بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، ومن ذلك حسن المعاشرة وكرم الصنيعة ولين الجانب وبذل المعروف وإطعام الطعام وإفشاء السلام ، وعيادة المريض المسلم برا كان ، أو فاجرا ، وتشييع جنازة المسلم وحسن الجوار لمن جاورت مسلما كان أو كافرا ، وتوقير ذي الشيبة المسلم وإجابة الطعام والدعاء عليه والعفو والإصلاح بين الناس والجود والكرم والسماحة والابتداء بالسلام ، وكظم الغيظ ، والعفو عن الناس ، واجتناب ما حرمه الإسلام من اللهو والباطل والغناء والمعازف كلها وكل ذي وتر ، وكل ذي دخل والغيبة ، والكذب ، والبخل ، والشح ، والجفاء ، والمكر ، والخديعة ، والنميمة ، وسوء ذات البين ، وقطيعة الأرحام ، وسوء الخلق ، والتكبر والفخر والاختيال ، والاستطالة والبذخ ، والفحش ، والتفحش ، والحقد والحسد ، والطيرة ، والبغي ، والعدوان ، والظلم .
قال رضي الله عنه : فلم يدع نصيحة جميلة إلا وقد دعانا إليها ، وأمرنا بها ، ولم يدع غشا ، أو قال عيبا أو قال شينا إلا حذرناه ونهانا عنه ، ويكفي من ذلك كله هذه الآية : أنس إن الله يأمر بالعدل والإحسان الآية وقال معاذ أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا معاذ ، أوصيك باتقاء الله ، وصدق الحديث ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، وترك الخيانة ، وحفظ الجار ، ورحمة اليتيم ، ولين الكلام ، وبذل السلام ، وحسن العمل ، وقصر الأمل ، ولزوم الإيمان ، والتفقه في القرآن ، وحب الآخرة ، والجزع من الحساب ، وخفض الجناح ، وأنهاك أن تسب حكيما ، أو تكذب صادقا ، أو تطيع آثما ، أو تعصي إماما عادلا ، أو تفسد أرضا ، وأوصيك باتقاء الله عند كل حجر وشجر ومدر ، وأن تحدث لكل ذنب توبة ، السر بالسر ، والعلانية بالعلانية فهكذا أدب عباد الله ودعاهم إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب .