وإن لم يلزمه القضاء . انحرف عن حقيقة محاذاة القبلة ، ولكن لم يخرج عن جهتها
وقد أورد الفقهاء خلافا في أن المطلوب جهة الكعبة أو عينها وأشكل معنى ذلك على قوم إذ قالوا : إن قلنا إن المطلوب العين فمتى يتصور هذا مع بعد الديار ، وإن قلنا إن المطلوب الجهة فالواقف في المسجد إن استقبل جهة الكعبة وهو خارج ببدنه عن موازاة الكعبة لا خلاف في أنه لا تصح صلاته .
وقد طولوا في تأويل معنى الخلاف في الجهة والعين .
ولا بد أولا من فهم معنى مقابلة العين ومقابلة الجهة .
فمعنى مقابلة العين أن يقف موقفا لو خرج خط مستقيم من بين عينيه إلى جدار الكعبة لا تصل به وحصل من جانبي الخط زاويتان متساويتان ، وهذه صورته صورة بالأصل والخط الخارج من موقف المصلي يقدر أنه خارج من بين عينيه ، فهذه صورة مقابلة العين .
وأما مقابلة الجهة .
فيجوز فيها أن يتصل طرفا الخط الخارجي من بين العينين إلى الكعبة من غير أن يتساوى الزاويتان عن جهتي الخط بل لا يتساوى الزاويتان إلا إذا انتهى الخط إلى نقطة معينة هي واحدة .
فلو مد هذا الخط على الاستقامة إلى سائر النقط من يمينها أو شمالها كانت إحدى الزاويتان أضيق فيخرج عن مقابلة العين ، ولكن لا يخرج عن مقابلة الجهة كالخط الذي كتبنا عليه مقابلة الجهة فإنه لو قدر الكعبة على طرف ذلك الخط لكان الواقف مستقبلا لجهة الكعبة لا لعينها .
وحد تلك الجهة ما يقع بين خطين يتوهمهما الواقف مستقبلا لجهة خارجين من العينين فيلتقي طرفاهما في داخل الرأس بين العينين على زاوية قائمة فما يقع بين الخطين الخارجين من العينين فهو داخل في الجهة .
وسعة ما بين الخطين تتزايد بطول الخطين وبالبعد عن الكعبة وهذه صورته صورة بالأصل فإذا فهم معنى العين والجهة فأقول .
الذي يصح عندنا في الفتوى أن المطلوب العين إن كانت الكعبة مما يمكن رؤيتها وإن كان يحتاج إلى الاستدلال عليها لتعذر رؤيتها فيكفي استقبال الجهة .
فأما ، طلب العين عند المشاهدة فمجمع عليه .